للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢١٧٧ - حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو زُرْعَةَ، ثنا أَبُو مُسْهِرٍ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى يَقُولُ: «إِذَا كَانَ فِقْهُ الرَّجُلِ حِجَازِيًّا وَأَدَبُهُ عِرَاقِيًّا فَقَدْ كَمُلَ»

٢١٧٨ - وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ يَقُولُ: إِذَا وَجَدْتَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مُجْتَمِعِينَ عَلَى أَمْرٍ فَلَا تَشُكَّ أَنَّهُ الْحَقُّ، فَرِوَايَةُ هَذَا وَشِبْهِهِ وَكِتَابُهُ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ انْطِلَاقِ الْأَلْسِنَةِ فِي أَعْرَاضِ أَهْلِ الدِّيَانَاتِ وَالْفَضْلِ، وَلَكِنْ أُولُو الْفَهْمِ قَلِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

٢١٧٩ - وَقَدْ كَانَ ابْنُ مَعِينٍ عَفَا اللَّهِ عَنْهُ يُطْلِقُ فِي أَعْرَاضِ الثِّقَاتِ الْأَئِمَّةِ لِسَانَهُ بِأَشْيَاءَ أُنْكِرَتْ عَلَيْهِ، مِنْهَا قَوْلُ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَبْخَرُ الْفَمِ وَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ: كَانَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ شُرْطِيًّا وَفِيهَا قَوْلُهُ فِي الزُّهْرِيِّ: إِنَّهُ وَلِيَ الْخَرَاجَ لِبَعْضِ بَنِي أُمَيَّةَ وَإِنَّهُ فَقَدَ مَرَّةً مَالًا فَاتَّهَمَ بِهِ غُلَامًا لَهُ فَضَرَبَهُ فَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ، وَذَكَرَ كَلَامًا خَشِنًا فِي قَتْلِهِ عَلَى ذَلِكَ غُلَامَهُ تَرَكْتُ ذِكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِمِثْلِهِ وَمِنْهَا قَوْلُهُ فِي الْأَوْزَاعِيِّ: إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْجُنْدِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرٍ مِنْ ذَلِكَ الْكِتَابِ يَكْتُبُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْجُنْدِ وَلَا كَرَامَةَ، وَقَالَ: حَدِيثُ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ لَيْسَ بِثَبْتٍ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ فِي طَاوُسٍ: إِنَّهُ كَانَ شِيعِيًّا، ذَكَرَ هَذَا كُلَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَوْصِلِيُّ الْحَافِظُ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي فِي آخِرِ كِتَابِهِ فِي ⦗١١١٤⦘ الضُّعَفَاءِ عَنِ الْغِلَابِيِّ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، وَقَدْ رَوَاهُ مُفْتَرِقًا جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ مِنْهُمْ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ وَغَيْرُهُ، وَمِمَّا نُقِمَ عَلَى ابْنِ مَعِينٍ وَعِيبَ بِهِ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي الشَّافِعِيِّ: إِنَّهُ لَيْسَ بِثِقَةٍ وَقِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: إِنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَتَكَلَّمُ فِي الشَّافِعِيِّ فَقَالَ أَحْمَدُ: وَمِنْ أَيْنَ يَعْرِفُ يَحْيَى الشَّافِعِيَّ هُوَ لَا يَعْرِفُ الشَّافِعِيَّ وَلَا يَعْرِفُ مَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ؟ أَوْ نَحْوَ هَذَا وَمَنْ جَهِلَ شَيْئًا عَادَاهُ، قَالَ أَبُو عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ: " صَدَقَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، إِنَّ ابْنَ مَعِينٍ كَانَ لَا يَعْرِفُ مَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ حُكِيَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنَ التَّيَمُّمِ فَلَمْ يَعْرِفْهَا

٢١٨٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ: سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَنَا حَاضِرٌ، عَنْ رَجُلٍ خَيَّرَ امْرَأَتَهُ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَقَالَ: " سَلْ عَنْ هَذَا أَهْلَ الْعِلْمِ

٢١٨١ - وَلَقَدْ أَحْسَنَ أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ فِي قَوْلِهِ: «وَيْلٌ لِعَالِمِ أَمْرٍ مِنْ جَاهِلِهِ، مَنْ جَهِلَ شَيْئًا عَادَاهُ، وَمَنْ أَحَبَّ شَيْئًا اسْتَعْبَدَهُ»

٢١٨٢ -وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ الْأَمِيرُ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّاصِرُ يَقُولُ: ⦗١١١٥⦘ إِنَّ ابْنَ وَضَّاحٍ كَذَبَ عَلَى ابْنِ مَعِينٍ فِي حِكَايَتِهِ عَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فَقَالَ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَزَعَمَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ رَأَى أَصْلَ ابْنِ وَضَّاحٍ الَّذِي كَتَبَهُ بِالْمَشْرِقِ وَفِيهِ سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ فَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ قَالَ: وَقَدْ كَانَ ابْنُ وَضَّاحٍ يَقُولُ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ الْأَمِيرُ يَحْمِلُ عَلَى ابْنِ وَضَّاحٍ فِي ذَلِكَ وَكَانَ خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ يَقُولُ: إِنَّمَا سَأَلَهُ ابْنُ وَضَّاحٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيِّ وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الْفَقِيهِ الشَّافِعِيِّ وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدِي تَخَرُّصٌ وَتَكَلُّمٌ عَلَى الْهَوَى وَقَدْ صَحَّ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ مِنْ طُرُقٍ أَنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ فِي الشَّافِعِيِّ عَلَى مَا قَدَّمْتُ لَكَ حَتَّى نَهَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَنَبَّهَهُ عَلَى مَوْضِعِهِ فِي الْعِلْمِ وَقَالَ لَهُ: لَمْ تَرَ عَيْنَاكَ قَطُّ مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ،

٢١٨٤ - وَقَدْ تَكَلَّمَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فِي مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ بِكَلَامٍ فِيهِ جَفَاءٌ وَخُشُونَةٌ كَرِهْتُ ذِكْرَهُ وَهُوَ مَشْهُورٌ عَنْهُ قَالَهُ إِنْكَارًا مِنْهُ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي حَدِيثِ «الْبَيِّعَيْنِ بِالْخِيَارِ» وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ يَتَكَلَّمُ وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى يَدْعُو عَلَيْهِ وَتَكَلَّمَ فِي مَالِكٍ أَيْضًا فِيمَا ذَكَرَهُ السَّاجِيُّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَابْنُ أَبِي يَحْيَى، وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَعَابُوا أَشْيَاءَ مِنْ مَذْهَبِهِ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُهُمْ؛ لِتَرْكِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَرِوَايَتِهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، وَثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ وَتَحَامَلَ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ رَأْيِهِ حَسَدًا لِمَوْضِعِ إِمَامَتِهِ وَعَابَهُ قَوْمٌ فِي إِنْكَارِهِ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَفِي كَلَامِهِ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ، وَفِي فُتْيَاهُ بِإِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي الْأَعْجَازِ، وَفِي قُعُودِهِ عَنْ مُشَاهَدَةِ الْجَمَاعَةِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَسَبُوهُ بِذَلِكَ إِلَى مَا لَا يَحْسُنُ ذِكْرُهُ، وَقَدْ بَرَّأَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَالِكًا عَمَّا قَالُوهُ، وَكَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا وَمَا مَثَلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَنُظَرَائِهِمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ إِلَّا كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ الْأَعْشَى:

[البحر البسيط]

كَنَاطِحٍ صَخْرَةً يَوْمًا لِيُوهِنَهَا ... فَلَمْ يَضِرْهَا وَأْوَهَى قَرْنَهُ الْوَعِلُ ⦗١١١٦⦘

٢١٨٥ - أَوْ كَمَا قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدٍ:

[البحر البسيط]

يَا نَاطَحَ الْجَبَلِ الْعَالِي لِيَكْلُمَهُ ... أَشْفِقْ عَلَى الرَّأْسِ لَا تُشْفِقْ عَلَى الْجَبَلِ

٢١٨٦ - وَكَلَامُ أَبِي الزِّنَادِ فِي رَبِيعَةَ هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا،

٢١٨٧ - وَلَقَدْ أَحْسَنَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ حَيْثُ يَقُولُ:

[البحر الطويل]

وَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْجُو مِنَ النَّاسِ سَالِمًا ... وَلِلنَّاسِ قَالَ بِالظُّنُونِ وَقِيلُ

٢١٨٨ - وَهَذَا خَيْرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ:

[البحر البسيط]

. . . . . ... وَمَا اعْتِذَارُكَ مِنْ شَيْءٍ إِذَا قِيلَا،

٢١٨٩ - فَقَدْ رَأَيْنَا الْبَاطِلَ وَالْبَغْيَ وَالْحَسَدَ أَسْرَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ قَدِيمًا أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ الْكُوفِيِّ فِي سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: إِنَّهُ لَا يَعْدِلُ فِي الرَّعِيَّةِ وَلَا يَغْزُو فِي السَّرِيَّةِ، وَلَا يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَسَعْدٌ بَدْرِيُّ وَأَحَدُ الْعَشَرَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ وَأَحَدُ السِّتَّةِ الَّذِينَ جَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الشُّورَى فِيهِمْ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ،

٢١٩٠ - وُقَدْ رُوِيَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «يَا رَبِّ اقْطَعْ عَنِّي أَلْسُنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يَا مُوسَى لَمْ أَقْطَعْهَا عَنْ نَفْسِي فَكَيْفَ أَقْطَعُهَا عَنْكَ؟» قَالَ أَبُو عُمَرَ: " وَاللَّهِ لَقَدْ تَجَاوَزَ النَّاسُ الْحَدَّ فِي الْغِيبَةِ وَالذَّمِّ فَلَمْ يَقْنَعُوا بِذَمِّ الْعَامَّةِ دُونَ الْخَاصَّةِ وَلَا بِذَمِّ الْجُهَّالِ دُونَ الْعُلَمَاءِ، وَهَذَا كُلُّهُ يَحْمِلُ عَلَيْهِ الْجَهْلُ وَالْحَسَدُ،

٢١٩١ - قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ: فُلَانٌ يَتَكَلَّمُ فِي أَبِي حَنِيفَةَ فَأَنْشَدَ بَيْتَ ابْنِ الرُّقَيَّاتِ:

[البحر الخفيف]

حَسَدُوكَ أَنْ رَأَوْكَ فَضَّلَكَ اللَّـ ... ـهُ بِمَا فُضِّلَتْ بِهِ النُّجَبَاءُ ⦗١١١٧⦘

٢١٩٢ - وَقِيلَ لِأَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ: فُلَانٌ يَتَكَلَّمُ فِي أَبِي حَنِيفَةَ فَقَالَ: هُوَ كَمَا قَالَ نُصَيْبٌ:

[البحر الطويل]

سَلِمْتِ وَهَلْ حَيٌّ عَلَى النَّاسِ يَسْلَمُ

٢١٩٣ - وَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ:

[البحر الكامل]

حَسَدُوا الْفَتَى إِذْ لَمْ يَنَالُوا سَعْيَهُ ... فَالنَّاسُ أَعْدَاءٌ لَهُ وَخُصُومُ

فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَ الْعُلَمَاءِ الثِّقَاتِ الْأَئِمَّةِ الْأَثْبَاتِ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ فَلْيَقْبَلْ قَوْلَ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا وَخَسِرَ خُسْرَانًا، وَكَذَلِكَ إِنْ قَبِلَ فِي سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَوْلَ عِكْرِمَةَ، وَفِي الشَّعْبِيِّ وَأَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ مَكَّةَ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ الشَّامِ عَلَى الْجُمْلَةِ وَفِي مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ مَنْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا ذَكَرْنَا عَنْ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَنْ يَفْعَلَ إِنْ هَدَاهُ اللَّهُ وَأَلْهَمَهُ رُشْدَهُ فَلْيَقِفْ عِنْدَ مَا شَرَطْنَا فِي أَنْ لَا يَقْبَلَ فِيمَنْ صَحَّتْ عَدَالَتُهُ وَعَلِمْتَ بِالْعِلْمِ عِنَايَتَهُ، وَسَلِمَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَلَزِمَ الْمُرُوءَةَ وَالتَّصَاوُنَ وَكَانَ خَيْرُهُ غَالِبًا وَشَرُّهُ أَقَلُّ عَمَلِهِ فَهَذَا لَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ قَائِلٍ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَصِحُّ غَيْرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ،

٢١٩٤ - قَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:

بَكَى شَجْوَهُ الْإِسْلَامُ مِنْ عُلَمَائِهِ ... فَمَا اكْتَرَثُوا لَمَّا رَأَوْا مِنْ بُكَائِهِ

فَأَكْثَرُهُمْ مُسْتَقْبِحٌ لِصَوَابِ مَنْ ... يُخَالِفُهُ مُسْتَحْسِنٌ لِخَطَائِهِ

فَأَيُّهُمُ الْمَرْجُوُّ فِينَا لِدِينِهِ ... وَأَيُّهُمُ الْمَوْثُوقُ فِينَا بِرَأْيِهِ

وَالَّذِينَ أَثْنَوْا عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَلَى سَائِرِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ التَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَوْا وَقَدْ جَمَعَ النَّاسُ فَضَائِلَهُمْ وَعُنُوا بِسِيَرِهِمْ وَأَخَبَارِهِمْ، فَمَنْ قَرَأَ فَضَائِلَهُمْ وَفَضَائِلَ مَالِكٍ وَفَضَائِلَ الشَّافِعِيِّ وَفَضَائِلَ أَبِي حَنِيفَةَ بَعْدَ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ ⦗١١١٨⦘ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَعُنِيَ بِهَا، وَوَقَفَ عَلَى كَرِيمِ سِيَرِهِمْ وَسَعَى فِي الْإِقْتِدَاءِ بِهِمْ، وَسَلَكَ سَبِيلِهِمْ فِي عِلْمِهِمْ وَفِي سَمْتِهِمْ وَهْدَيْهِمْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ عَمَلًا زَاكِيًا نَفَعَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِحُبِّهِمْ جَمِيعِهِمْ

٢١٩٥ - قَالَ الثَّوْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «عِنْدَ ذِكْرِ الصَّالِحِينَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ» وَمَنْ لَمْ يَحْفَظْ مِنْ أَخْبَارِهِمْ إِلَّا مَا نَذَرَ مِنْ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ عَلَى الْحَسَدِ وَالْهَفَوَاتِ وَالْغَضَبِ وَالشَّهَوَاتِ دُونَ أَنْ يَعْنِيَ بِفَضَائِلِهِمْ وَيَرْوِي مَنَاقِبَهُمْ حُرِمَ التَّوْفِيقَ وَدَخَلَ فِي الْغِيبَةِ وَحَادَ عَنِ الطَّرِيقِ جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِمَّنْ يَسْمَعُ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُ أَحْسَنَهُ وَقَدِ افْتَتَحْنَا هَذَا الْبَابَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمُ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ» ، وَفِي ذَلِكَ كِفَايَةٌ وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ مِنَ الْقَوْلِ فِي الْحَسَدِ نَظْمًا وَنَثْرًا وَقَدْ بَيَّنَّا مَا يَجِبُ بَيَانُهُ مِنْ ذَلِكَ وَأَوْضَحْتُهُ فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَقَاطَعُوا» وَأَفْرَدْنَا لِلنَّظْمِ وَالنَّثْرِ بَابًا فِي كِتَابِ بَهْجَةِ الْمَجَالِسِ وَمَنْ صَحِبَهُ التَّوْفِيقُ أَغْنَاهُ مِنَ الْحِكْمَةِ يَسِيرُهَا وَمِنَ الْمَوَاعِظِ قَلِيلُهَا إِذَا فَهِمَ وَاسْتَعْمَلَ مَا عَلِمَ، وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ"

٢١٩٦ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ: ثنا ابْنُ رَحْمُونَ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بْنَ الْأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيَّ يَقُولُ: «رَحِمَ اللَّهُ مَالِكًا كَانَ إِمَامًا، رَحِمَ اللَّهُ الشَّافِعِيَّ كَانَ إِمَامًا، رَحِمَ اللَّهُ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ إِمَامًا»

<<  <  ج: ص:  >  >>