وبهذا كان شغل الصحابة - رضي الله عنه - في الأحوال والأعمال، فمات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عشرين ألفًا من الصحابة (١) لم يحفظ منهم القرآن إلا ستة اختلف في اثنين منهم، وكان أكثرهم يحفظ السورة والسورتين، وكان الذي يحفظ البقرة والأنعام من علمائهم ولما جاء واحد ليتعلم القرآن فانتهى إلى قوله عز وجل:{فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} قال: يكفي هذا وانصرف، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "انصرف الرجل وهو فقيه" رواه أبو داود والحاكم وصححه، وإنما لعزيز مثل تلك الحالة التي منَّ الله عز وجل بها على قلب المؤمن عقيب فهم الآية.
فأما مجرد حركة اللسان فقليل الجدوى، بل التالي باللسان المعرض عن العمل جدير بأن يكون هو المراد بقوله تعالى:{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى} وبقوله عز وجل: {كذلك أتتك آيتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} أي تركتها ولم تنظر إليها ولم تعبأ بها فإن المقصر في الأمر يقال إنه نسي الأمر، وتلاوة القرآن حق تلاوته هو أن يشترك فيه اللسان والعقل والقلب، فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل وحظ العقل تفسير المعاني وحظ القلب الاتعاظ والتأثر بالانزجار والائتمار، فاللسان يرتل والعقل يترجم والقلب يتعظ.
التاسع: الترقي: وأعني به أن يترقى إلى أن يسمع الكلام من