١٠٧٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ اللَّخْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَخْنَعُ الْأَسْمَاءِ عِنْدَ اللهِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِاسْمِ مَلِكِ الْأَمْلَاكِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى مَا الْمُرَادُ بِهِ مَا هُوَ، فَوَجَدْنَا الْخَنْعَ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الذُّلُّ وَالْخُضُوعُ , يُقَالُ مِنْهُ: خَنَعَ الرَّجُلُ خُنُوعًا إِذَا خَضَعَ فَذَلَّ، فَكَانَ الْخُضُوعُ وَالذِّلَّةُ إِنَّمَا وَقَعَتْ فِي هَذَا عَلَى ⦗١١٠⦘ ذِي الِاسْمِ لَا الِاسْمِ نَفْسِهِ ; لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَلْحَقُهُ ذَمٌّ وَلَا مَدْحٌ وَكَانَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: ١] فِي مَعْنَى سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى بِاسْمِهِ، فَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ نَبِيِّهِ لُوطٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ} [الأنبياء: ٧٤] لَيْسَ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْقَرْيَةَ نَفْسَهَا، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَهْلَهَا الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ الْخَبَائِثَ وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: ١١٢] ، يُرِيدُ: أَهْلَهَا لَا هِيَ نَفْسَهَا ثُمَّ بَيَّنَ عَزَّ وَجَلَّ مُرَادَهُ ذَلِكَ فِيهَا بِقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ} [النحل: ١١٣] ، وَكَانَ الْمُرَادُ بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَانَ الْمُسَمَّى بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ مُتَكَبِّرًا فَرَدَّهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ إِلَى الْخُضُوعِ وَالذِّلَّةِ , إِذْ كَانَ أَكْبَرُ أَسْمَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا هِيَ صِفَاتُهُ الَّتِي يُبَيِّنُ بِهَا عَزَّ وَجَلَّ عَنْ خَلْقِهِ مِنَ الرَّحْمَةِ وَمِنَ الْعِزَّةِ وَمِنَ الْعَظَمَةِ وَمِنَ الْجَلَالِ , وَمِنْ مَا سِوَى ذَلِكَ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَانَ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ كَاسْمِهِ الْأَعْظَمِ مِمَّا قَدْ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: ٦٥] فَقَصَرَ بِالْخَلْقِ عَنْ ذَلِكَ , وَتَفَرَّدَ بِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَضَافَ أَسْمَاءَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠] ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute