بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحْكَامِ أَقْوَالِ السَّكْرَانِ وَأَفْعَالِهِ، وَفِي الْحُكْمِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ سَكْرَانًا مَا هُوَ؟ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَوَّلُ مَا نَبْتَدِئُ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣] فَكَانَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ نَهْيُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُمْ فِي الْحَالِ الَّتِي كَانَتِ الْخَمْرُ فِيهَا حَلَالًا لَهُمْ أَنْ يَقْرَبُوا الصَّلَاةَ إِذَا شَرِبُوهَا، حَتَّى صَارُوا لَا يَعْلَمُونَ مَا يَقُولُونَ، وَقَدْ رُوِّينَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا حَدِيثَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ مُنَادِيَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ يُنَادِي: " لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ سَكْرَانُ " وَفَى هَذَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا قَدْ نُهُوا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ مِنْ هَذَا، قَدْ كَانَتْ بَقِيَتْ مِنْ عُقُولِهِمْ بَقِيَّةٌ يَعْلَمُونَ بِهَا مَا نُهُوا عَنْهُ وَلَا يَدْخُلُونَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ السَّكْرَانَ الْمُسْتَحِقَّ لِاسْمِ السُّكْرِ لَيْسَ هُوَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ الْأَرْضَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَا الْمَرْأَةَ مِنَ الرَّجُلِ، كَمَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُهُ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ الَّذِي مَعَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute