١٢٩٥ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ عَمَّيْهِ سَلَمَةَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَيَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَا: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَمَعَنَا صَاحِبٌ لَنَا , فَقَاتَلَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَعَضَّ الرَّجُلُ ذِرَاعَهُ فَجَذَبَهَا مِنْ فِيهِ فَنَزَعَ ثَنِيَّتَهُ , فَأَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْتَمِسُ الْعَقْلَ , فَقَالَ: " يَنْطَلِقُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ فَيَعَضُّهُ عَضِيضَ الْفَحْلِ ثُمَّ يَأْتِي يَطْلُبُ الْعَقْلَ لَا عَقْلَ لَهَا " فَأَبْطَلَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ⦗٣٣٢⦘ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَفِي حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ هَذَا عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ وَهَذَا مِنَ الْخَطَأِ غَيْرُ مُشْكِلٍ ; لِأَنَّ صَفْوَانَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي جُمَحَ، وَيَعْلَى صَاحِبُ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَيْسَ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَنْفُسِهَا , وَإِنَّمَا هُوَ حَلِيفٌ لَهَا وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَدِيمُ السُّكْنَى بِمَكَّةَ، ثُمَّ تَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ بَعْدَ وُقُوفِنَا عَلَى اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْجِنَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ , وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَا يُبْطِلُ عَقْلَ ثَنِيَّتَيِ الْعَاضِّ عَنِ الْمَعْضُوضِ , مِنْهُمُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ أَحْوَالِ شَاهِرِ السِّلَاحِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيهِ , وَأَنَّهُ إِنَّمَا حَلَّ لِلْمَشْهُورِ عَلَيْهِ دَمُ الشَّاهِرِ إِذْ كَانَ الشَّاهِرُ لَوْ تَمَّ مِنْهُ فِي الَّذِي شَهَرَ عَلَيْهِ السِّلَاحَ مَا شَهَرَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِهِ، فَقَالَ قَائِلٌ: فَالْعَضُّ مِمَّا لَا قَوَدَ فِيهِ ; لِأَنَّهُ كَسْرٌ لِلْعَظْمِ الْمَعْضُوضِ. أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيَدَعُ يَدَهُ فِي فِيكَ فَتَقْضَمُهَا كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ " فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِيهَا كَسْرَ الْعَظْمِ , وَكَسْرُ الْعَظَامِ لَا قَوَدَ فِيهَا، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ: أَنَّ الْقَضْمَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ هُوَ كَسْرُ الْعَظْمِ كَمَا تُوُهِّمَ ; لِأَنَّ الْقَضْمَ عِنْدَ الْعَرَبِ هُوَ الْقَضْمُ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ الَّذِي لَا يَبْلُغُ هَذَا , وَإِنَّمَا الَّذِي يَبْلُغُهُ عِنْدَهُمْ هُوَ الْخَضْمُ وَهُوَ التَّمَكُّنُ بِالْأَسْنَانِ كُلِّهَا فَذَلِكَ مِمَّا قَدْ ⦗٣٣٣⦘ يَأْتِي عَلَى الْعَظْمِ، وَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَمَا وَصَفْنَا كَانَ الْقَضْمُ إِنَّمَا يَأْتِي عَلَى جِلْدَةِ الذِّرَاعِ أَوْ يَتَجَاوَزُهَا إِلَى اللَّحْمِ الَّذِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ، فَإِذَا تَجَاوَزَهَا إِلَى ذَلِكَ أَوْضَحَ الْعَظْمَ فَعَادَ مَعْنَاهُ فِي الذِّرَاعِ إِلَى مَعْنَى الْمُوضِحَةِ فِي الرَّأْسِ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ , وَفِيهَا الْقَوَدُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، فَمِثْلُهَا وُضُوحُ عَظْمِ الذِّرَاعِ فَفِيهِ الْقَوَدُ أَيْضًا , وَلَمَّا كَانَ فِيهِ الْقَوَدُ إِذَا تَمَّ ذَلِكَ الْعَقْلُ كَانَ لِلَّذِي قَصَدَ بِهِ إِلَيْهِ إزَالَتُهُ عَنْ نَفْسِهِ لِيَصِلَ بِذَلِكَ إِلَى الْوَاجِبِ لَهُ فِيمَا حَلَّ بِهِ مِنْهُ , وَلَوْ كَانَ الْعَاضُّ مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا لَمْ يَبْلُغْ فَكَانَ مِنَ الْمَعْضُوضِ فِي ذَلِكَ مِثْلُ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ , كَانَ عَلَى الْمَعْضُوضِ قِيمَةُ ثَنَايَاهُ فَقَدْ وَافَقَ مَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ مَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ مَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute