١٤٦٣ - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُزَيْزٍ الْأَيْلِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَامَةُ بْنُ رَوْحٍ , عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ يَعْنِي الزُّهْرِيَّ، أَنَّ ⦗٩٧⦘ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ , حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ "
١٤٦٤ - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ , قَالَ: أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ عُقَيْلٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا كُلَّ مَنْ حَدَّثَنَاهُ مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَمِنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ إنَّمَا حَدَّثُونَاهُ: " لَا يُلْدَغْ مُؤْمِنٌ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ " وَيَجْزِمُونَ " يُلْدَغْ " فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ عَلَى ظَاهِرِهِ , إنَّمَا هُوَ عَلَى الْأَمْرِ , وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ قَوْمٌ جَعَلُوا مَعْنَاهُ أَلَّا تُثَنَّى عَلَى مُؤْمِنٍ عُقُوبَةٌ فِي ذَنْبٍ أَتَاهُ , وَذَلِكَ أَنَّ الْجَزْمَ إذَا وَقَعَ فِي هَذَا كَانَ وَجْهُهُ الْأَمْرَ لَا مَا سِوَاهُ , وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ ⦗٩٨⦘ عَزَّ وَجَلَّ {كَلًّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: ١٩] وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: ٢٤] فِي أَمْثَالٍ , لِهَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ وَقَدْ أَبَى ذَلِكَ قَوْمٌ عَلَى قَائِلِيهِ وَقَالُوا: أَصْلُ الْحَدِيثِ لَا يُلْدَغُ مُؤْمِنٌ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ بِلَفْظِ " يُلْدَغُ " وَجَعَلُوا ذَلِكَ مِنَ الْخَبَرِ كَقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وَكَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ {وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} [الشمس: ١٥] وَكَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ {لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً} [الغاشية: ١١] كُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْخَبَرِ بِاسْتِعْمَالِ الرَّفْعِ فِيهِ وَقَالُوا مُحْتَجِّينَ عَلَى أَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى: لَوْ كَانَ التَّأْوِيلُ كَمَا ذَكَرْتُمْ لَمَا احْتَاجَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْقَصْدِ بِذَلِكَ إلَى الْمُؤْمِنِ ; لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا تُثَنَّى عَلَيْهِ عُقُوبَةُ ذَنْبِهِ؛ وَلِأَنَّ الْمُنَافِقَ أَيْضًا كَذَلِكَ لَا تُثَنَّى عَلَيْهِ عُقُوبَةُ ذَنْبِهِ , وَإِنَّمَا قَصَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْقَوْلِ إلَى الْمُؤْمِنِ ; لِأَنَّهُ يُبَيِّنُ فِيهِ بِمَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي سِوَى الْمُنَافِقِ وَسِوَى الْكَافِرِ ; لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْهُ الذَّنْبُ أَحْزَنَهُ ذَلِكَ، وَخَافَ غِبَّهُ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِتَرْكِ عَوْدِهِ فِيهِ أَبَدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ: " إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُلْدَغُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ " أَيْ لَا يُذْنِبُ ذَنْبًا يَخَافُ عُقُوبَتَهُ ثُمَّ يَعُودُ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ , وَجَعَلُوا مَعْنَى قَوْلِهِ " إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُلْدَغُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ " بِمَعْنَى قَوْلِهِ إنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ يُلْدَغُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ وَكَذَلِكَ هِيَ فِيمَا تَلَوْنَا مِنَ الْآيِ مِنْ كِتَابِ اللهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى إنَّمَا هِيَ بِمَعْنَى لَيْسَ , وَهَذَا عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ أَشْبَهُ الْوَجْهَيْنِ بِالْمَعْنَى فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ سَمِعْتُ يُونُسَ يَقُولُ بَعْدَ أَنْ حَدَّثَنَا هَذَا الْحَدِيثَ قُلْتُ لِابْنِ وَهْبٍ: مَا تَفْسِيرُهُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ يَقَعُ فِي الشَّيْءِ يَكْرَهُهُ فَلَا يَعُودُ فِيهِ فَكَانَ هَذَا مُجْمَلًا مِنَ ابْنِ وَهْبٍ وَمَعْنَاهُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ⦗٩٩⦘ مِلْنَا إلَيْهِ وَهُوَ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَكَرَهُ بِإِعْرَابِهِ فَقَدْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ مَعْنَاهُ الْمَعْنَى الَّذِي يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ إعْرَابُهُ الرَّفْعَ لَا الْجَزْمَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَيْضًا أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ التَّوْبَةَ الَّتِي أَمَرَ بِهَا الْمُؤْمِنِينَ مِنْ عِبَادِهِ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: ٨]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute