١٦٣٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْهَرَوِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إيَاسٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} [البقرة: ٢٨٥] قَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمَّا قَالَ: {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا} [البقرة: ٢٨٥] قَالَ: اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ فَلَمَّا قَالَ: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا ⦗٣١٩⦘ إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا أُؤَاخِذْكُمْ فَلَمَّا قَالَ: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: ٢٨٦] قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا أَحْمِلُ عَلَيْكُمْ قَالَ: فَلَمَّا قَالَ: عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: ٢٨٦] قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا أُحَمِّلُكُمْ فَلَمَّا قَالَ: {وَاعْفُ عَنَّا} [البقرة: ٢٨٦] قَالَ اللهُ: قَدْ عَفَوْتُ عَنْكُمْ فَلَمَّا قَالَ: {وَاغْفِرْ لَنَا} [البقرة: ٢٨٦] قَالَ: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ فَلَمَّا قَالَ: {وَارْحَمْنَا} [البقرة: ٢٨٦] قَالَ: قَدْ رَحِمْتُكُمْ فَلَمَّا قَالَ: {فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: ٢٨٦] قَالَ: قَدْ نَصَرْتُكُمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنِ الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] وَقَالَ: النِّسْيَانُ لَيْسَ مِمَّا يَمْلِكُونَهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ , فَكَيْفَ يَسْأَلُونِ أَنْ لَا يُؤَاخَذُوا بِهِ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ , أَنَّ النِّسْيَانَ الَّذِي لَا يَمْلِكُونَهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ هُوَ النِّسْيَانُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ أَضْدَادٌ لِلذِّكْرِ لَهَا , فَذَلِكَ مِمَّا لَا يُؤَاخَذُونَ بِهِ , وَمِمَّا لَا يَجُوزُ مِنْهُمْ سُؤَالُهُمْ رَبَّهُمْ أَنْ لَا يُؤَاخِذَهُمْ بِهِ وَأَمَّا النِّسْيَانُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ , فَإِنَّمَا هُوَ التَّرْكُ عَلَى الْعَمْدِ بِذَلِكَ , كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: ٦٧] فِي مَعْنَى تَرَكُوا اللهَ فَتَرَكَهُمْ قَالَ: فَمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حِكَايَةً {أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] وَالْخَطَأُ فَهْمٌ غَيْرُ مَأْخُوذِينَ بِهِ كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥] فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ , بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ , أَنَّ الْخَطَأَ الَّذِي فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَاهَا عَلَيْنَا الَّذِي لَا جُنَاحَ فِيهِ , هُوَ ضِدُّ مَا يَتَعَمَّدُونَهُ كَمَا قَالَ: عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥] وَالْخَطَأُ الَّذِي فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا نَحْنُ عَلَيْهِ , هُوَ الْخَطَأُ الَّذِي يَفْعَلُهُ مَنْ يَفْعَلُهُ , عَلَى أَنَّهُ بِهِ مُخْطِئٌ فِي اخْتِيَارِهِ لَهُ , وَفِي قَصْدِهِ إلَيْهِ , وَفِي عَمَلِهِ بِهِ وَمِنْهُ قِيلَ: خَطِئْتُ فِي كَذَا مَهْمُوزٌ أَيْ عَمِلْتُ كَذَا خَطِيئَةً , فَذَلِكَ مِمَّا عَامِلُهُ مَأْخُوذٌ بِهِ مُعَاقَبٌ عَلَيْهِ , أَوْ مَعْفُوٌّ لَهُ عَنْهُ , إنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُعْفَى لَهُ عَنْ مِثْلِهِ , فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ أَنَّهُمْ رُضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ سَأَلُوا رَبَّهُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْضِعِ سُؤَالٍ , وَأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ غَفَرَ لَهُمْ فِي شَيْئَيْنِ قَدْ كَانَ لَهُ عَزَّ وَجَلَّ أَخْذُهُمْ بِهَا , وَعُقُوبَتُهُمْ عَلَيْهَا , وَهُوَ الْمَحْمُودُ عَلَى فَضْلِهِ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , وَرَحْمَتِهِ لَهُمْ , وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute