فَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي مَرْيَمَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ. عَنِ الْقَاسِمِ , أَنَّ رَجُلًا نَزَلَ بِأَبِي بَكْرٍ مَقْطُوعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ , فَقَالَ: " مَنْ قَطَعَكَ؟ " قَالَ: أَمِيرُ الْيَمَنِ , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: " لَئِنْ قَدَرْتُ عَلَيْهِ " فَجَعَلَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا لَيْلُكَ بِلَيْلِ سَارِقٍ , فَفَقَدُوا لَأَسْمَاءَ حُلِيًّا، قَالَ: فَجَعَلَ يَدْعُو عَلَى مَنْ أَخَذَهُ , وَقَالَ: أَهْلُ بَيْتٍ صَالِحُونَ , قَالَ: فَوَجَدُوهُ عَنْدَ صَائِغٍ فَأَشَارَ بِهِ فَاعْتَرَفَ فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَقْطَعَ رِجْلَهُ فَأَبَوْا عَلَيْهِ وَقَالُوا: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ الْيَدَ بَعْدَ الرِّجْلِ , فَقَطَعَ يَدَهُ , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: " لَغِرَّتُهُ بِاللهِ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ سَرِقَتِهِ ". ⦗٧٩⦘ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْحَقِيقَةَ كَانَتْ بِالْحُجَّةِ الَّتِي أُقِيمَ بِهَا عَلَى ذَلِكَ السَّارِقِ مَا أُقِيمَ عَلَيْهِ هِيَ إِقْرَارُهُ لَا بِبَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ , وَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الشَّكَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ كَانَ مِنْ دُونِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّهُ كَانَ مِنْ مَالِكٍ , وَأَنَّ الَّذِي كَانَ مِنَ الثَّوْرِيِّ فِي ذَلِكَ حِفْظُ الْحَقِيقَةِ فِيهِ , فَكَانَ بِهِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ , وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ يُوجِبُ بِهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ سِوَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِقَامَةَ الْعُقُوبَاتِ عَلَى مُنْتَهِكِي الْحُرُمَاتِ الْمُنْتَهِكَاتِ مِنْ مَالِ الْمُقِرِّينَ بِذَلِكَ , كَمَا يُقِيمُهَا عَلَى مُنْتَهِكِهَا مِنْ مَالِ غَيْرِهِ. فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْحُلِيَّ الْمَسْرُوقَ فِيهِ إِنَّمَا هُوَ لَأَسْمَاءَ لَا لِأَبِي بَكْرٍ , فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدْفَعُ أَنْ يَكُونَ لِأَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ إِقَامَةُ الْعُقُوبَةِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ عَنْدَهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ: أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , فَقَدْ كَانَ لِزَوْجَتِهِ , وَلَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَشْهَدَ فِي مَالِ زَوْجَتِهِ بِهِ لَهَا , كَمَا لَا يَشْهَدُ فِي مَالِ نَفْسِهِ بِهِ لِنَفْسِهِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِيِّ لَمَّا جَاءَهُ بِغُلَامِهِ , فَقَالَ: إِنَّ هَذَا سَرَقَ شَيْئًا ذَكَرَهُ لِامْرَأَتِي , فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: " لَا قَطْعَ عَلَيْهِ , غُلَامُكُمْ سَرَقَ مَالَكُمْ " , حَدَّثَنَاهُ يُونُسُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِيِّ ⦗٨٠⦘ فَأَخْبَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ السَّارِقَ مِنْ مَالِ زَوْجَتِهِ مِمَّنْ لَا يُقْطَعُ لَوْ سَرَقَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ , إِذْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ فِيهِ إِذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ زَوْجَتِهِ , فَفِي ذَلِكَ مَا دَلَّ أَنَّ مَا لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَهُ بِالْمُنْتَهِكِ الْحُرُمَاتِ فِي مَالِهِ لَيْسَ لَهُ فِعْلُ مِثْلِهِ بِمُنْتَهِكِي الْحُرُمَاتِ فِي مَالِ زَوْجَتِهِ , وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute