١٨٧٧ - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ , ⦗١٣٦⦘ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ لِأَصْحَابِهِ: " أَلَا أُحَدِّثُكُمْ , عَنِ الْخَضِرِ؟ " قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ , قَالَ: " بَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ يَمْشِي فِي سُوقِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَبْصَرَهُ رَجُلٌ مُكَاتَبٌ فَقَالَ: تَصَدَّقْ عَلَيَّ بَارَكَ اللهُ فِيكَ , قَالَ الْخَضِرُ: آمَنْتُ بِاللهِ , مَا يُرِيدُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَمْرٍ يَكُنْ مَا عَنْدِي شَيْءٌ أُعْطِيكَهُ , فَقَالَ الْمِسْكِينُ: أَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَمَا تَصَدَّقْتَ عَلَيَّ , إِنِّي نَظَرْتُ إِلَى سِيمَاءِ الْخَيْرِ فِي وَجْهِكَ , وَرَجَوْتُ الْبَرَكَةَ عَنْدَكَ. قَالَ الْخَضِرُ: آمَنْتُ بِاللهِ , مَا عَنْدِي شَيْءٌ أُعْطِيكَهُ إِلَّا أَنْ تَأْخُذَنِي فَتَبِيعَنِي. فَقَالَ الْمِسْكِينُ: وَهَلْ يَسْتَقِيمُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ , الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ , لَقَدْ سَأَلْتَنِي بِأَمْرٍ عَظِيمٍ , أَمَا إِنِّي مَا أُخَيِّبُكَ بِوَجْهِ رَبِّي فَبِعَنْي , فَقَدَّمَهُ إِلَى السُّوقِ , فَبَاعَهُ بِأَرْبَعِ مِائَةِ دِرْهَمٍ , فَمَكَثَ عَنْدَ الْمُشْتَرِي زَمَانًا لَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي شَيْءٍ , فَقَالَ الْخَضِرُ: أَمَا إِنَّكَ إِنَّمَا ابْتَعْتَنِي ابْتِغَاءَ خَيْرِي فَأَوْصِنِي بِعَمَلٍ. فَقَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ , إِنَّكَ شَيْخٌ كَبِيرٌ. قَالَ: لَيْسَ يَشُقُّ عَلَيَّ. قَالَ: فَقُمْ فَانْقُلْ هَذِهِ الْحِجَارَةَ , وَكَانَ لَا يَنْقُلُهَا دُونَ سِتَّةِ نَفَرٍ فِي يَوْمٍ , فَخَرَجَ الرَّجُلُ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ , ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ نَقَلَ الْحِجَارَةَ فِي سَاعَتِهِ. فَقَالَ: لَهُ أَحْسَنْتَ وَأَجْمَلْتَ , وَأَطَقْتَ مَا لَمْ أَرَكَ تُطِيقُهُ , ثُمَّ عَرَضَ لِلرَّجُلِ سَفَرٌ , فَقَالَ: إِنِّي أَحْسِبُكَ أَمِينًا , فَاخْلُفْنِي فِي أَهْلِي خِلَافَةً حَسَنَةً. قَالَ: أَوْصِنِي بِعَمَلٍ , قَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ , قَالَ: لَيْسَ يَشُقُّ عَلَيَّ , قَالَ: فَاضْرِبْ مِنَ اللَّبِنِ حَتَّى أَقْدُمَ عَلَيْكَ , فَمَضَى الرَّجُلُ لِسَفَرِهِ , فَرَجَعَ ⦗١٣٧⦘ الرَّجُلُ وَقَدْ شَيَّدَ بِنَاءَهُ , فَقَالَ الرَّجُلُ: أَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا جِنْسُكَ؟ وَمَا أَمْرُكَ؟ قَالَ: سَأَلْتَنِي بِوَجْهِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَالسُّؤَالُ بِوَجْهِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْقَعَنِي فِي الْعُبُودِيَّةِ , فَقَالَ: سَأُخْبِرُكَ مَنْ أَنَا؟ أَنَا الْخَضِرُ الَّذِي سَمِعْتَ بِهِ , سَأَلَنِي مِسْكِينٌ صَدَقَةً فَلَمْ يَكُنْ عَنْدِي شَيْءٌ أُعْطِيهِ , سَأَلَنِي بِوَجْهِ اللهِ فَأَمْكَنْتُهُ مِنْ رَقَبَتِي فَبَاعَنْي , وَأُخْبِرُكَ أَنَّهُ مَنْ سُئِلَ بِوَجْهِ اللهِ فَرَدَّ سَائِلَهُ وَهُوَ يَقْدِرُ وَقَفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ لِوَجْهِهِ جِلْدٌ , وَلَا لَحْمٌ , وَلَا دَمٌ , وَلَا عَظْمٌ يَتَقَعْقَعُ قَالَ: آمَنْتُ بِذَلِكَ , شَقَقْتُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ , احْكُمْ فِي أَهْلِي وَمَالِي بِمَا أَرَاكَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ أُخَيِّرُكَ فَأُخَلِّي سَبِيلَكَ؟ قَالَ: أُحِبُّ أَنْ تُخَلِّيَ سَبِيلِي , فَأَعْبُدَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ , فَخَلَّى سَبِيلَهُ , فَقَالَ الْخَضِرُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَوْقَعَنْي فِي الْعُبُودِيَّةِ وَنَجَّانِي مِنْهَا. ⦗١٣٨⦘ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلَمَّا كَانَ مِنْ شَرِيعَةِ مَنْ قَبْلَ هَذِهِ الْأَمَةِ مِنَ الْأُمَمِ إِرْقَاقُ أَنْفُسِهِمْ وَتَمْلِيكُهَا غَيْرَهُمْ , وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ مِنْهُمْ تَقَرُّبًا إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ , كَانَ اسْتِرْقَاقُهُمْ بِالدُّيُونِ الَّتِي عَلَيْهِمُ الَّتِي قَدْ يَكُونُ أَخْذُهُمْ إِيَّاهَا مِنْ أَمْوَالِ غَيْرِهِمْ طَاعَةً , فَقَدْ يَكُونُ مَعْصِيَةً أُخْرَى أَنْ يَكُونَ مُسْتَعْمَلًا فِيهِمْ وَمَحْكُومًا بِهِ عَلَيْهِمْ , فَكَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ الْإِسْلَامُ فَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ كَانَ مِنْ شَرِيعَتِهِ اتِّبَاعُ شَرَائِعِ النَّبِيِّينَ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيهِمْ , حَتَّى يُحْدِثَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي شَرِيعَتِهِ مَا نَسَخُ ذَلِكَ , كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠] فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ مَا نَسَخَ بِهِ ذَلِكَ الْحُكْمَ وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَةِ الرِّبَا {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] فَعَادَ الْحُكْمُ إِلَى أَخْذِ الدُّيُونِ لِمَنْ هِيَ لَهُ مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ إِذْ كَانَتْ مَوْجُودَةً عَنْدَهُ , وَإِمْهَالُهُ بِهَا إِذْ كَانَتْ مَعْدُومَةً عَنْدَهُ , حَتَّى يُوجَدَ عَنْدَهُ فَيُؤْخَذَ مِنْهُ ⦗١٣٩⦘ فَيُدْفَعَ قَضَاءً عَنْهُ إِلَى مَنْ هِيَ لَهُ عَلَيْهِ , فَكَانَ فِي ذَلِكَ نَسْخُ إِرْقَاقِ الْأَحْرَارِ أَنْفُسَهُمْ وَتَمْلِيكِهِمْ إِيَّاهَا سِوَاهُمْ , حَتَّى يَعُودُوا بِذَلِكَ مَمْلُوكِينَ لِمَنْ مَلَّكُوهَا إِيَّاهُ وَبَيَّنَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَاعَدَ مَنْ فَعَلَهُ وَعِيدًا شَدِيدًا