١٩٦٢ - وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ قَصْرًا أَبْيَضَ بِفِنَائِهِ جَارِيَةٌ , فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ فَقِيلَ: لِشَابٍّ مِنْ قُرَيْشٍ , فَظَنَنْتُ أَنِّي أَنَا هُوَ , فَقُلْتُ: مَنْ هُوَ؟ فَقَالُوا: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ , فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ يَا أَبَا حَفْصٍ " فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ , أَوَعَلَيْكَ أَغَارُ؟ فَفِيمَا رَوَيْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الْبَابِ , ثُمَّ نَظَرْنَا بَعْدُ إِلَى حَقِيقَةِ مَا دُونَ الشَّابِ , وَإِلَى الشَّابِّ , وَإِلَى مَا فَوْقَهُمَا , فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} [غافر: ٦٧] فَأَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يُخْرِجُهُمْ طِفْلًا , ثُمَّ وَجَدْنَاهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ بَيَّنَ نِهَايَةَ الطُّفُولِيَّةِ فِي آيَةٍ أُخْرَى وَهِيَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا بَلَغَ ⦗٢١٥⦘ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: ٥٩] فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَا دُونَ بُلُوغِ الْحُلُمِ حَالُ طُفُولِيَّةٍ , وَأَنَّ مَا بَعْدَ الْحُلُمِ ضِدٌّ لَهَا , وَلَا شَيْءَ نَعْلَمُهُ يَكُونُ تَالِيًا لِلطُّفُولِيَّةِ غَيْرَ الشَّبَابِ , فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَنِ احْتَلَمَ شَابٌّ , ثُمَّ يَكُونُ كَذَلِكَ إِلَى مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ , وَطَلَبْنَا الْمُدَّةَ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا كَذَلِكَ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا إِلَى ضِدِّهَا فَوَجَدْنَا اللهَ قَدْ قَالَ فِي الْآيَةِ الَّتِي بَدَأْنَا بِتِلَاوَتِهَا فِي هَذَا الْبَابِ: {ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} [غافر: ٦٧] وَلَمْ يُبَيِّنَ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا مَا بُلُوغُ الْأَشُدِّ , ثُمَّ وَجَدْنَاهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ لَنَا فِي آيَةٍ أُخْرَى بِقَوْلِهِ: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ} [الأحقاف: ١٥] وَاحْتَجْنَا أَنْ نَعْلَمَ: هَلْ خَرَجَ بِذَلِكَ مِنَ الشَّبَابِ إِلَى غَيْرِهِ أَمْ لَا؟ فَوَجَدْنَاهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ بَيَّنَ لَنَا ذَلِكَ فِي آيَةٍ أُخْرَى بِقَوْلِهِ: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} [الأحقاف: ١٥] فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ بَلَغَ الْأَرْبَعِينَ سَنَةً فَقَدْ بَلَغَ أَشُدَّهُ , وَاحْتَجْنَا أَنْ نَعْلَمَ: هَلْ خَرَجَ بِذَلِكَ مِنَ الشَّبَابِ إِلَى غَيْرِهِ أَمْ لَا؟ فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي الَّتِي بَدَأْنَا بِتِلَاوَتِهَا بِعَقِبِ قَوْلِهِ فِيهَا: {ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا} [غافر: ٦٧] فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ خُرُوجًا مِنَ الشَّبَابِ وَدُخُولًا فِي الشَّيْخُوخَةِ , فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِيهَا: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} [غافر: ٦٧] فَكَانَ بَيْنَ الْخَلْقِ مِنَ التُّرَابِ وَبَيْنَ الْخَلْقِ مِنَ النُّطْفَةِ فَاصِلٌ؛ لِأَنَّ الْمَخْلُوقَ مِنَ التُّرَابِ هُوَ آدَمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْمَخْلُوقِينَ مِنَ النُّطْفَةِ هُمْ بَنُوهُ , وَبَيْنَ الْخَلْقَيْنِ مِنَ الزَّمَانِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ , فَكَانَ مِثْلَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ ⦗٢١٦⦘ وَجَلَّ: {ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا} [غافر: ٦٧] يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ بُلُوغِهِمُ الْأَشُدَّ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونُوا شُيُوخًا مُدَّةٌ , اللهُ أَعْلَمُ بِمِقْدَارِهَا , وَهِيَ مُدَّةُ شَبَابٍ , فَيَكُونُ السِّنُّ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا يَوْمَ رَأَى تِلْكَ الرُّؤْيَا هِيَ فَوْقَ الْأَرْبَعِينَ , وَدُونَ الْحَالِ الَّتِي يَكُونُونَ فِيهَا شُيُوخًا , وَاللهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ , وَاللهَ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute