٢١٨٢ - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ غُلَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ , ⦗٤٢٥⦘ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُوعِيَهُ "؟ فَقُلْنَا: أَلَا تُحَدِّثُنَا بِهِ؟ فَحَدَّثَنَاهُ أَوَّلَ النَّهَارِ , فَنَسِينَاهُ آخِرَ النَّهَارِ , فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا: الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْتَ أَنَّهُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُوعِيَهُ , فَقَدْ نَسِينَاهُ فَأَعِدْهُ , فَقَالَ: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا , فَيُؤَاخِذُهُ اللهُ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَيُعَاقِبُهُ فِي الْآخِرَةِ , إِلَّا كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْظَمَ وَأَكْرَمَ أَنْ يَعُودَ فِي عُقُوبَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَمَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا , فَيَعْفُو اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ , إِلَّا كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَحْلَمَ وَأَكْرَمَ مِنْ أَنْ يَعُودَ فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , ثُمَّ قَرَأَ {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: ٣٠]⦗٤٢٦⦘ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمْ يَقُلْ مَا فِيهِ اسْتِنْبَاطًا , وَلَكِنَّهُ قَالَهُ تَوْقِيفًا , فَيُلْحَقُ بِذَلِكَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ. فَقَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تُضِيفُوا إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْعَفْوَ عَنْ ذَنْبٍ فِي الدُّنْيَا , ثُمَّ تُضِيفُوا إِلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ تَرْكَهُ الْعُقُوبَةَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ كَرَمٌ مِنْهُ , وَهُوَ قَدْ عَفَا عَنْهُ فِي الدُّنْيَا , وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ يُعَاقِبُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ؟ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَرْكُهُ الْعُقُوبَةَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ كَرَمًا ; لِأَنَّ الْكَرَمَ إِنَّمَا هُوَ تَرْكُ الْكَرِيمِ فِعْلَ مَا لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ: أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلْعِبَادِ ذُنُوبٌ يَسْتَحِقُّونَ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْعُقُوبَةَ فِي الْآخِرَةِ جَمِيعًا , كَمِثْلِ مَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَةِ الْمُحَارِبِينَ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: ٣٣] فَتَكُونُ تِلْكَ الْعُقُوبَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ إِذَا أُقِيمَتْ عَلَى الْمُذْنِبِينَ لَمْ تُعَدْ عَلَيْهِمْ فِي الْآخِرَةِ , وَكَانَتْ عَلَيْهِمْ فِي الْآخِرَةِ عُقُوبَاتٌ أُخَرُ سِوَاهَا , وَيَكُونُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا سَتَرَ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا تِلْكَ الذُّنُوبَ , وَعَفَا لَهُمْ عَنْهَا بِتَرْكِهِ أَخْذَهُمْ بِالْعُقُوبَاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ عَلَيْهِمْ فِيهَا لَمْ يَسْقُطْ بِذَلِكَ عَنْهُمُ الْعُقُوبَاتُ الْأُخْرَوِيَّةُ عَلَيْهِمْ فِيهَا , وَكَانَتْ أُمُورُهُمْ إِلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ , إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ عَلَيْهَا , وَإِنْ شَاءَ عَفَا لَهُمْ عَنْهَا. وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا ⦗٤٢٧⦘ قَدْ رَوَاهُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute