للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٢٩٤ - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ يُحَدِّثُ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَبْلَى كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْإِنْسَانِ إِلَّا عَجْبَ ذَنَبِهِ، وَفِيهِ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يُنْزِلُ اللهُ عَلَيْهِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ ". فَقَالَ قَائِلٌ: الْعِيَانُ يَدْفَعُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ ; لِأَنَّا نَجِدُ الْمَيِّتَ ⦗٦١⦘ يُكْشَفُ عَنْ لَحْدِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ; لِأَنَّهُ قَدْ فَنِيَ بِأَكْلِ التُّرَابِ إِيَّاهُ، وَوَجَدْنَاهُ يُحْرَقُ فَتَأْتِي عَلَيْهِ النَّارُ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ كَمَا رُوِيَ عَنْهُ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ، إِذْ كَانَ الَّذِينَ نَقَلُوهُ عَنْهُ هُمْ أَهْلُ الضَّبْطِ لَهُ الْمُؤْتَمَنُونَ عَلَيْهِ , وَأَنَّ مَنْ جَهِلَ ذَلِكَ فَدَفَعَهُ بِجَهْلِهِ إِيَّاهُ جَاهِلًا بِلُطْفِ قُدْرَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ لُطْفِ قُدْرَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُعِيدَ الْعِظَامَ الْمُرَكَّبَةَ فِي الْأَحْيَاءِ رُفَاتًا , ثُمَّ يُعِيدَهَا كَمَا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [الروم: ٢٧] ، وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: ٧٨] ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: ٧٩] ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا فِي لُطْفِ قُدْرَتِهِ؛ كَانَ غَيْرَ مُسْتَنْكَرٍ فِيهَا أَنْ يُبْقِيَ أَعْجَابَ الْأَذْنَابِ مِنْ بَنِي آدَمَ أَنْ يَأْكُلَهُ التُّرَابُ، وَكَمَا وَقَى عَبْدَهُ وَنَبِيَّهُ وَخَلِيلَهُ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ْكُلَهُ النَّارُ الَّتِي تَأْكُلُ مَا لَقِيَتْ مِنَ الْأَشْيَاءِ لِإِلْهَامِهِ عَزَّ وَجَلَّ إيَّاهَا ذَلِكَ بِحِفْظِهِ ذَلِكَ مِنْهُمْ حَتَّى يُظْهِرَهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشَاءُ إظْهَارَهُ فِيهِ , وَإِنْ غَابَ ذَلِكَ مِنْ أَعْيُنِنَا فَهُوَ غَيْرُ غَائِبٍ عَنْهُ كَمَا قَدْ حَكَى لَنَا عَزَّ وَجَلَّ عَنْ عَبْدِهِ لُقْمَانَ مِنْ قَوْلِهِ لِابْنِهِ: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} ، وَهَذَا اللُّطْفُ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ فِيهِ فِي أَعْجَابِ أَذْنَابِ بَنِي آدَمَ مَا قَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرُ مُسْتَحِيلٍ فِيهِ. وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>