٢٣١٦ - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا الْمُرَابِطَ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَإِنَّهُ يَنْمُو لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، يُؤَمَّنُ مِنْ فَتَّانِي الْقَبْرِ " قَالَ: فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ مَا فِيهَا مِنْ فَضْلِ مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا، وَمَنْ نَمَا عَمَلُهُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ , وَمَنْ قُتِلَ مُرَابِطًا كَانَ فَوْقَ مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فِي الْمَنْزِلَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِمَنْ مَاتَ غَيْرَ مُرَابِطٍ ; لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ عَمَلُهُ بِمَوْتِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَعْنِي الَّذِي ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مَنْ مَاتَ انْقَطَعَ ⦗٨٧⦘ عَمَلُهُ بِمَوْتِهِ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: مِنْ عِلْمٍ بَثَّهُ , وَمِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ , وَمِنْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ". فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ مَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْنَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا احْتُجَّ بِهِ عَلَيْنَا فِيهِ مِمَّا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَا يُعْطَاهُ الْمَيِّتُ فِي رِبَاطِهِ يَنْقَطِعُ ذَلِكَ عَنْهُ كَمَا يَنْقَطِعُ عَمَلُ غَيْرِهِ مِنَ الْمَوْتَى عَنْهُ , وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ يَنْمُو لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَإِنَّهُ ذَلِكَ الْعَمَلُ بِعَيْنِهِ لَا عَمَلَ سِوَاهُ يَلْحَقُ بِهِ , وَكَانَ الرَّجُلَانِ الْمُهَاجِرَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا هَاجَرَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعًا، فَتَسَاوَيَا فِي ذَلِكَ , وَأَقَامَا عِنْدَهُ بَاذِلَيْنِ لِأَنْفُسِهِمَا فِيمَا يَصْرِفُهُمَا فِيهِ مِنْ جِهَادٍ وَمِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيُصْرَفُ الْمَقْتُولُ مِنْهُمَا فِي الْجِهَادِ حَتَّى قُتِلَ فِيهِ , وَلَمْ يَكُنْ يَصْرِفُهُ ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ إِلَّا بِتَصْرِيفِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ فِيهِ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهُ قَدْ كَانَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ فَسَاوَاهُ فِيهِ، وَزَادَ الْآخَرُ عَلَيْهِ الشَّهَادَةَ الَّتِي قَدْ بَذَلَ نَفْسَهُ لِمِثْلِهَا، فَكَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الشَّهِيدِ وَإِنْ كَانَ الشَّهِيدُ بِفَضْلِهِ فِيمَا حَلَّ بِهِ مِنَ الْقَتْلِ، فَإِنَّهُ قَدْ بَذَلَ نَفْسَهُ لِذَلِكَ، ثُمَّ عَاشَ بَعْدَهُ حَوْلًا فِي هِجْرَتِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ إِنْفَاقُ مَالِهِ، فَتَفَرَّدَ بِذَلِكَ عَلَى صَاحِبِهِ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ مُصَلِّيًا صَلَوَاتِ مُدَّتِهِ تِلْكَ، وَصَائِمًا شَهْرَ رَمَضَانَ الَّذِي مَرَّ عَلَيْهِ فِيهَا، وَلِذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَهُ، فَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُنْكَرَ تَجَاوُزُهُ لِصَاحِبِهِ فِي الْمَنْزِلَةِ فِي الثَّوَابِ عَلَيْهَا، وَفِي اسْتِحْقَاقِ سَبْقِهِ إِيَّاهُ إِلَى الْجَنَّةِ , وَلَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنْ هُوَ دُونَ مِثْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute