للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤٥٧ - حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ بْنِ أَبِي خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ الطَّحَاوِيُّ الْأَزْدِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهُوَ مَوْلَى نَافِعِ بْنِ عَبْدِ عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّرَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، وَفِي الْجَيْشِ نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ، وَفِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَاحْتَلَمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي لَيْلَةٍ شَدِيدَةِ الْبَرْدِ، فَأَشْفَقَ أَنْ يَمُوتَ إِنِ اغْتَسَلَ؛ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ أَمَّ أَصْحَابَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ تَقَدَّمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَشَكَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ حَتَّى قَالَ: " وَأَمَّنَا جُنُبًا "، فَأَعْرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عُمَرَ، فَلَمَّا قَدِمَ ⦗٢٤٩⦘ عَمْرٌو دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يُخْبِرُ بِمَا صَنَعَ فِي غَزَاتِهِ , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَصَلَّيْتَ جُنُبًا يَا عَمْرُو؟ " فَقَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، أَصَابَنِي احْتِلَامٌ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ لَمْ يَمُرَّ عَلَى وَجْهِي مِثْلُهَا قَطُّ، فَخَيَّرْتُ نَفْسِي بَيْنَ أَنْ أَغْتَسِلَ فَأَمُوتَ، أَوْ أَقْبَلَ رُخْصَةَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَبِلْتُ رُخْصَةَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَلِمْتُ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرْحَمُ بِي، فَتَوَضَّأْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَحْسَنْتَ، مَا أُحِبُّ أَنَّكَ تَرَكْتَ شَيْئًا صَنَعْتَهُ، لَوْ كُنْتُ فِي الْقَوْمِ لَصَنَعْتُ كَمَا صَنَعْتَ ". ⦗٢٥٠⦘ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ مِمَّنْ يَنْتَحِلُ الْحَدِيثَ فِي هَذَا إِلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ اسْتِعْمَالِ الْوُضُوءِ مَكَانَ التَّيَمُّمِ، وَذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ فِي ذَلِكَ فَوْقَ التَّيَمُّمِ، وَمِمَّنْ كَانَ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا نَحْنُ هَذَا الْحَدِيثَ وَمَا قَالَهُ الذَّاهِبُونَ إِلَيْهِ أَنَّ الْوُضُوءَ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ عِنْدَهُمْ فَوْقَ التَّيَمُّمِ، هَلْ هُوَ كَمَا قَالُوا أَمْ لَا؟ ⦗٢٥١⦘ فَوَجَدْنَا ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ الْوُضُوءَ طَهَارَةً مِنَ الْأَحْدَاثِ غَيْرَ مَا أَوْجَبَ الِاغْتِسَالَ فِيهِ مِنْهَا وَهُوَ الْجَنَابَاتُ، وَجَعَلَ الطَّهُورَ مِنَ الْجَنَابَاتِ الِاغْتِسَالَ، وَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَ التَّيَمُّمَ بِالصَّعِيدِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ بَدَلًا مِنَ الْوُضُوءِ لِلصَّلَوَاتِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ، وَجَعَلَهُ بَدَلًا مِنَ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَاتِ، فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ تَكُونُ بِهِ الطَّهَارَةُ مِنَ الْجَنَابَاتِ، وَيَكُونُ كَالْغُسْلِ، وَيَكُونُ فَوْقَ الْوُضُوءِ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ الْمَاءِ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الْجَنَابَاتِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ؛ اسْتَحَالَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْوُضُوءُ الَّذِي جُعِلَ طَهَارَةً مِنَ الْأَحْدَاثِ الَّتِي دُونَ الْجَنَابَاتِ يَكُونُ طَهُورًا مِنَ الْجَنَابَاتِ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تَكُونُ أَبْدَالًا مِنَ الْأَشْيَاءِ إِنَّمَا هِيَ غَيْرُهَا لَا جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا. ثُمَّ الْتَمَسْنَا الْوُضُوءَ الَّذِي كَانَ مِنْ عَمْرٍو عِنْدَ حَاجَتِهِ إِلَى الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ عِنْدَ إِعْوَازِهِ الْمَاءَ لِمَ كَانَ ذَلِكَ؟ فَوَجَدْنَا مُحْتَمَلًا أَنْ يَكُونَ كَانَ مِنْهُ وَلَا طَهَارَةَ حِينَئِذٍ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ بِصَعِيدٍ وَلَا بِمَا سِوَاهُ، فَكَانَ الْحُكْمُ عِنْدَ ذَلِكَ جَوَازَ أَدَائِهِ تِلْكَ الصَّلَاةَ بِلَا اغْتِسَالٍ؛ إِذْ كَانَ فِي حُكْمِ مَنْ لَا جَنَابَةَ بِهِ تُوجِبُ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالَ، إِذْ كَانَ لَا مَاءَ مَعَهُ يَغْتَسِلُ بِهِ، فَسَقَطَ عَنْهُ بِذَلِكَ فَرْضُ الِاغْتِسَالِ، وَصَارَ كَهُوَ لَوْ لَمْ يَكُنْ جُنُبًا، فَأَجْزَأَ الْوُضُوءُ , كَمَا يُجْزِئُ الْمُسْتَيْقِظَ مِنْ نَوْمِهِ وَلَا جَنَابَةَ بِهِ الْوُضُوءُ، وَكَمَا يُجْزِئُ مَنْ لَا سُتْرَةَ مَعَهُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ عُرْيَانًا؛ لِسُقُوطِ فَرْضِ السُّتْرَةِ عَنْهُ. وَقَدْ وَجَدْنَا مِنْ أَفْعَالِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ⦗٢٥٢⦘ قَبْلَ فَرْضِ التَّيَمُّمِ صَلَاتَهُمْ وَهُمْ مُحْدِثُونَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>