للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَامِرٌ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى زَيْنَبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا بِالْمَدِينَةِ، فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَأْمُرْنَ أَنْ يُدْخِلَهَا الْقَبْرَ؟ قَالَ: وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ. قَالَ: فَأَرْسَلُوا إلَيْهِ: انْظُرْ مَنْ كَانَ يَرَاهَا فِي حَيَاتِهَا، فَلْيَكُنْ هُوَ الَّذِي يُدْخِلُهَا الْقَبْرَ. فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " صَدَقْتُنَّ ". ⦗٣٣٠⦘ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَدْ كَانَ أَعْجَبَهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى إدْخَالَهَا قَبْرَهَا , وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ لَهُ أُمًّا؛ لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: ٦] ، وَكَانَ لَهَا بِذَلِكَ ابْنًا، أَعْجَبَهُ لِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّيَ لِإِدْخَالِهَا قَبْرَهَا ثُمَّ، اسْتَظْهَرَ فِي ذَلِكَ بِمَا عِنْدَ الْبَاقِيَاتِ بَعْدَهَا مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُنَّ فِيهِ مِثْلُهَا، وَلِأَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ الَّذِي بَيَّنَ بِهِ فِي ذَلِكَ تَبِينُ هِيَ فِيهِ , وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَقَعُ فِي مِثْلِهِ الْإِشْكَالُ إِنْ كَانَتْ , وَإِنْ كَانَتْ لَهُ أُمًّا وَكَانَ هُوَ لَهَا ابْنًا , فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتًا مِنْ بَنَاتِهَا , وَأَنَّ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِنَ الْبُنُوَّةِ وَمِنْ أُمُومَةٍ فِي ذَلِكَ تُخَالِفُ الْأُمُومَةَ وَالْبُنُوَّةَ فِي الْأَنْسَابِ وَفِي الرَّضَاعِ، فَرَجَعَ إِلَى مَا عِنْدَهُنَّ فِي ذَلِكَ لِيَقِفَ عَلَى حَقِيقَتِهِ، إِذْ كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَسْقُطُ عَلَيْهِنَّ كَيْفَ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ الَّذِي قَدْ عَلِمْنَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَوْقَفَهُنَّ عَلَيْهِ، فَأَعْلَمْنَهُ أَنَّ إدْخَالَهَا قَبْرَهَا هُوَ إِلَى مَنْ كَانَ يَرَاهَا فِي حَيَاتِهَا، فَخَالَفَ ذَلِكَ مَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَبَانَ بِذَلِكَ عِنْدَهُ أَنَّ أُمُومَتَهُنَّ لِلْمُؤْمِنِينَ وَبُنُوَّةَ الْمُؤْمِنِينَ لَهُنَّ لَهَا حُكْمٌ خَاصٌّ خِلَافُ حُكْمِ الْبُنُوَّةِ إِلَى النَّسَبِ، وَخِلَافُ حُكْمِ الْأُمُومَةِ مِنَ الرَّضَاعِ، إِذْ كَانَتِ الْأُمُومَةُ مِنَ النَّسَبِ وَالْأُمُومَةُ مِنَ الرَّضَاعِ ⦗٣٣١⦘ تُبِيحَانِ النَّظَرَ مِنَ الْأَوْلَادِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسَيْنِ إِلَى مَنْ كَانَ بِهِ لَهُنَّ أُمًّا , وَالْأُمُومَةُ بِالنَّسَبِ الَّذِي بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُنَّ لَا يُبِيحُهُنَّ ذَلِكَ , وَالْأُمُومَةُ مِنَ النَّسَبِ وَمِنَ الرَّضَاعِ يَمْنَعَانِ مِنْ نِكَاحِ مَنْ وَلَدَهُ أُولَئِكَ الْأُمَّهَاتُ مِنَ الْبَنَاتِ، وَلَا يَمْنَعُ الْأُمُومَةَ بِتَزْوِيجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَزَوَّجَهُ مِنَ النِّسَاءِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ لِلْمُؤْمِنِينَ تَزْوِيجُ مَا وَلَدْنَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَنَاتِ وَمَا وَلَدْنَ مِنْ غَيْرِهِ مِنْهُنَّ، فَكَانَتْ تِلْكَ الْأُمُومَةُ لَهَا حُكْمٌ بَائِنٌ مِنْ حُكْمِ الْأُمُومَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ اسْتَعْلَمَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَحَطْنَا عِلْمًا أَنَّهُنَّ لَمْ يَأْخُذْنَ حُكْمَ تِلْكَ الْأُمُومَةِ إِلَّا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَنَّهُنَّ لَمْ يَأْخُذْنَهُ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِنْبَاطِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الِاسْتِخْرَاجِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤْخَذُ مِثْلُهُ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِنْبَاطِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الِاسْتِخْرَاجِ , وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ جِهَةِ التَّوْقِيفِ , وَالتَّوْقِيفُ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ أَدْخَلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي أَحَادِيثِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْتَمَسْنَا مِنْهُ مَا الْتَمَسْنَا مِنْ حَدِيثِهِ الَّذِي قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا. وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ فِرَاسِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَامِرٍ، فَخَالَفَ إِسْمَاعِيلَ فِي الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ الْمُتَوَفَّاةِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّهَا أُمُّ حَبِيبَةَ مَكَانَ مَا ذَكَرَ إسْمَاعِيلُ فِيهِ أَنَّهَا زَيْنَبُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>