٢٥٨٠ - يَعْنِي مَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَدِيَّةُ بْنُ عَبْدِ ⦗٤١٧⦘ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سَعْدِ بْنِ مُنْذِرٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، حَتَّى إِذَا خَلَفَ ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ إِذَا هُوَ بِكَتِيبَةٍ خَشْنَاءَ، فَقَالَ: " مَنْ هَؤُلَاءِ؟ " قَالُوا: بَنُو قَيْنُقَاعَ، وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، وَهُمْ قَوْمُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ. فَقَالَ: " أَسْلِمُوا ". فَأَبَوْا، قَالَ: " قُلْ لَهُمْ فَلْيَرْجِعُوا؛ فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ". قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: وَهُمْ قَوْمُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، لَيْسَ يَعْنُونَ بِذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ لَيْسَ مِنَ الْيَهُودِ؛ وَلَكِنَّهُ مِنَ الرَّهْطِ الَّذِينَ يَرْجِعُ الْأَنْصَارُ إلَيْهِمْ بِأَنْسَابِهِمْ، وَلَكِنَّهُ جَدَلَ بِنِفَاقِهِ، فَأَمَّا نَسَبُهُ فِيهِمْ فَقَائِمٌ، وَقِيلَ: إِنَّهُمْ قَوْمُهُ، أَيْ لِأَنَّهُمْ قَوْمُهُ بِمُحَالَفَتِهِ لَا بِمَا سِوَى ذَلِكَ. قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَهَذَا يُخَالِفُ مَا فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ فِي مَوْضِعَيْنِ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ جَعَلَهُمْ مُشْرِكِينَ بِقَوْلِهِ لَهُمْ: " إِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ ⦗٤١٨⦘ عَلَى الْمُشْرِكِينَ "، وَأَمَّا الْآخَرُ فَمَنْعُهُ إيَّاهُمْ مِنَ الْقِتَالِ مَعَهُ , وَفِي حَدِيثِ ثَابِتِ بْنِ الْحَارِثِ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ دُعَاءُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودَ الَّذِينَ كَانُوا فِي النَّضِيرِ إِلَى الْقِتَالِ مَعَهُ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِذَلِكَ الْحَدِيثِ وَلَا شَيْءٍ مِمَّا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّ وَجْهَ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَؤُلَاءِ الْيَهُودِ الَّذِينَ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ مَا قَالَهُ لَهُمْ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ كَانَ بَعْدَ وُقُوفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ الْمُنَافِقِ مِنَ الْحِلْفِ , وَالْمُحَالَفَةُ هِيَ الْمُوَافَقَةُ مِنَ الْحَالِفِينَ لِلْحَالِفِينَ، فَكَانُوا بِذَلِكَ خَارِجِينَ مِنَ الْكِتَابِ الَّذِي كَانُوا مِنْ أَهْلِهِ مِمَّا سِوَاهُمْ مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا فِي النَّضِيرِ فِي ذَلِكَ بِحِلَافِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُحَالِفُوا مُنَافِقًا، وَكَانَ أُولَئِكَ بِمَا حَالَفُوا الْمُنَافِقَ الَّذِي حَالَفُوهُ مُرْتَدِّينَ عَمَّا كَانُوا فِيهِ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ , فَكَانُوا بِذَلِكَ كَالْمُرْتَدِّينَ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِنَا إِلَى يَهُودِيَّةٍ أَوْ إِلَى نَصْرَانِيَّةٍ، فَلَا يَكُونُونَ بِذَلِكَ يَهُودًا وَلَا نَصَارَى؛ لِأَنَّ ذَبَائِحَهُمْ غَيْرُ مَأْكُولَاتٍ؛ وَلِأَنَّ نِسَاءَهُمُ اللَّاتِي دَخَلْنَ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مَنْكُوحَاتٍ، فَمِثْلُ ذَلِكَ بَنُو قَيْنُقَاعَ لَمَّا حَالَفُوا عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ الْمُنَافِقَ، فَوَاطَئُوهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ النِّفَاقِ، وَوَافَقُوهُ عَلَى ذَلِكَ؛ خَرَجُوا بِذَلِكَ مِنْ حُكْمِ الْكِتَابِ الَّذِي كَانُوا مِنْ أَهْلِهِ، وَصَارُوا مُشْرِكِينَ كَمُشْرِكِي الْعَرَبِ الَّذِينَ أَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَعِينُ بِهِمْ، فَلَمْ يَسْتَعِنْ بِهِمْ فِي قِتَالِهِ الْمُشْرِكِينَ لِذَلِكَ، فَأَمَّا مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ تَمَسَّكَ بِكِتَابِهِ الَّذِي جَاءَ بِهِ الَّذِي يَذْكُرُ أَنَّهُ عَلَى دِينِهِ فَمُخَالِفٌ لِذَلِكَ , وَلَا بَأْسَ بِالِاسْتِعَانَةِ بِمِثْلِهِ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُشْرِكٍ، إِنَّمَا هُوَ كِتَابِيٌّ كَافِرٌ، وَهُوَ ⦗٤١٩⦘ عَدُوٌّ لِلْكُفَّارِ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ كَمَا نَحْنُ أَعْدَاءٌ لَهُمْ. وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute