مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ نَافِعٍ، ⦗٥٨⦘ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ إِلَّا الَّتِي تُطَلَّقُ وَقَدْ فُرِضَ لَهَا صَدَاقٌ فَحَسْبُهَا نِصْفُ مَا فُرِضَ لَهَا " وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ. فَكَانَ فِي هَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ إِخْرَاجُ الْمُطَلَّقَاتِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهِنَّ مِنَ الْمُتَعِ اللَّاتِي ذَكَرْنَا , ثُمَّ الْتَمَسْنَا حُكْمَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَوَجَدْنَا الْوَاجِبَ إِبْدَالًا مِنَ الْإِبْضَاعِ يَجِبُ بِوُقُوعِ التَّزْوِيجَاتِ وَانْعِقَادِهَا لَا بِمَا سِوَى ذَلِكَ , وَلَمَّا كَانَتِ الْمُتَعُ لَا تُوجِبُهَا التَّزْوِيجَاتُ اللَّاتِي لَا طَلَاقَ مَعَهَا كَانَ بِأَنْ لَا يُوجِبَهَا الطَّلَاقُ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَهَا أَحْرَى. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رَأَيْنَا الطَّلَاقَ يُوجِبُ النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى فِي الْعِدَّةِ وَلَمْ يَكُونَا وَاجِبَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ. ⦗٥٩⦘ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَمَا ذَكَرَ وَلَكِنَّهُمَا قَدْ كَانَا وَاجِبَيْنِ بِالتَّزْوِيجِ وُجُوبًا لَمْ يَرْفَعْهُ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ فِيهِ فَهَذِهِ حُجَّةٌ فِي وُجُوبِ التَّمَتُّعِ لِلْمُطَلَّقَاتِ بَعْدَ الدُّخُولِ , فَأَمَّا الْمُطَلَّقَاتُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِنَّ هَلْ لَهُنَّ مُتَعٌ يُحْكَمُ بِهَا عَلَى مُطَلِّقِيهِمُ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا فَرَضُوا لَهُنَّ صَدَاقًا أَمْ لَا؟ فَقَالَ قَائِلُونَ: لَهُنَّ عَلَيْهِمُ الْمُتَعُ , وَإِنْ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَقَادِيرِ الْمُتَعِ , فَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ: هِيَ الْمِقْدَارُ الَّذِي يُجْزِئُ فِي الصَّلَاةِ مِنَ اللِّبَاسِ , وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ كَثِيرٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ , وَالْقَائِلُونَ بِقَوْلِهِمَا , وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: مِقْدَارُ الْمُتْعَةِ فِي هَذَا هُوَ نِصْفُ صَدَاقِ مِثْلِهَا مِنْ نِسَائِهَا اللَّاتِي يُرْجَعُ فِي مِثْلِ صَدَاقِهَا إِلَى أَمْثَالِ صَدَقَاتِ أَمْثَالِهِنَّ. وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ , وَهَذَا هُوَ الْأَوْلَى مِمَّا قَالُوهُ فِي ذَلِكَ عَلَى أُصُولِهِمُ الَّتِي بَنَوْا هَذَا الْمَعْنَى عَلَيْهَا. وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ: إِنَّ الْمُتَعَ فِي هَذَا مَحْضُوضٌ عَلَيْهَا , مَأْمُورٌ بِهَا , غَيْرُ مُجْبَرٍ عَلَيْهَا , وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , وَخَالَفَ الْآخَرِينَ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أُولَئِكَ يُوجِبُونَهَا وَيُجْبِرُونَ عَلَيْهَا وَيَحْبِسُونَ فِيهَا , وَكَانَ الْأَوْلَى مِمَّا قَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ الْإِيجَابَ لَهَا وَالْحَبْسَ فِيهَا؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ وَقَعَ بِلَا تَسْمِيَةِ صَدَاقٍ أَوْجَبَ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا عَلَى زَوْجِهَا كَمَا أَوْجَبَ مِلْكَ بُضْعِهَا لِزَوْجِهَا , فَلَمَّا وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ أُسْقِطَ عَنِ الزَّوْجِ نِصْفُ ⦗٦٠⦘ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ مِمَّا قَدْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي جَمِيعِهِ لَوْ لَمْ يُطَلِّقْ , فَإِذَا طَلَّقَ فَسَقَطَ عَنْهُ بِالطَّلَاقِ نِصْفُهُ بَقِيَ النِّصْفُ الْبَاقِي عَلَيْهِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ فُرُوضِهِ إِيَّاهُ , وَأَخْذِهِ بِهِ , وَحَبْسِهِ فِيهِ كَمَا إِذَا سَمَّى لَهَا صَدَاقًا , ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا , فَزَالَ عَنْهُ نِصْفُهُ يَكُونُ النِّصْفُ الْبَاقِي لَهَا عَلَيْهِ عَلَى حُكْمِ كُلِّهِ الَّذِي كَانَ لَهَا عَلَيْهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ مِنْ لُزُومِهِ إِيَّاهُ لَهَا وَمِنْ حَبْسِهِ لَهَا فِيهِ وَقَدْ رُوِيَتْ عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ آثَارٌ فِي الْمُتَعِ بِالطَّلَاقِ نَحْنُ ذَاكِرُوهَا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute