وَكَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ أَنَّهُ سَأَلَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَنْ مَا لَا يُتَوَضَّأُ بِفَضْلِهِ مِنَ الدَّوَابِّ , فَقَالَ: " الْخِنْزِيرُ وَالْكَلْبُ وَالْهِرَّةُ " , ⦗٧٨⦘ فَقَالَ قَائِلٌ: فَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي قَدْ رَوَيْتَهُ أَنَّ الْإِنَاءَ يُغْسَلُ مِنْ وُلُوغِ الْهِرِّ فِيهِ كَمَا يُغْسَلُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ فِيهِ , أَفَيَجِبُ بِذَلِكَ أَنْ يُغْسَلَ مِنْهُمَا سَوَاءٌ لَا يُفَضَّلُ فِيمَا يُغْسَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى مَا يُغْسَلُ عَلَيْهِ مِنَ الْآخَرِ مِنْهُمَا؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ: أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّ الْإِنَاءَ مَغْسُولٌ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَسْلًا مُخْتَلِفَ الْعَدَدِ مِمَّا يُغْسَلُ مِنْهُ مِنَ الْآخَرِ , وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ مَغْسُولٌ مِنْهُمَا وَهُوَ عَرَبِيٌّ وَلُغَةُ الْعَرَبِ مِثْلُ هَذَا فِيهَا مَوْجُودٌ. قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام: ٣٨] , فَأَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُمْ أُمَمٌ أَمْثَالُنَا , وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ أَمْثَالُنَا فِي الْخِلْقَةِ الَّتِي نَتَبَايَنُ نَحْنُ وَهُمْ فِيهَا , وَلَا أَنَّهُمْ مِثْلُنَا فِي أَنَّا مُتَعَبِّدُونَ بِمَا أَتَانَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا نَعْبُدُ بِأَنَّهُ مِمَّا لَمْ يَتَعَبَّدْهُمْ بِهِ , وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: ١٢] يَعْنِي مِثْلَ السَّمَاوَاتِ , لَيْسَ يَعْنِي بِذَلِكَ فِيمَا خَلَقَهُنَّ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ عَلَى أَنَّ لَهُنَّ مِنَ الْعَدَدِ مِثْلَ مَا لِلسَّمَاوَاتِ مِنَ الْعَدَدِ , فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ يُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنَ الْهِرِّ كَمَا يُغْسَلُ مِنَ الْكَلْبِ لَيْسَ عَلَى أَنَّهُ مَغْسُولٌ مِنَ الْهِرِّ سَبْعًا كَمَا يَكُونُ مَغْسُولًا مِنَ الْكَلْبِ سَبْعًا , وَلَكِنَّهُ مَغْسُولٌ كَمَا الْكَلْبِ مَغْسُولٌ مِنْهَا وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ. وَقَدْ وَكَّدَ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهِرِّ أَنَّهَا مِنَ السَّبُعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute