٢٨٠٧ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَسَاجِدِ أَنْ تُبْنَى فِي الدُّورِ , وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ أَوْ كَمَا قَالَ ⦗٢٤١⦘ وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا بَنَى فِي دَارِهِ مَسْجِدًا وَخَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ حَتَّى صَلُّوا فِيهِ أَنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ كَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ , وَأَنَّهُ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ يُخَالِفُ ذَلِكَ وَيَقُولُ فِيهِ: إِنَّهُ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا , وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنْ مِلْكِهِ إِذْ كَانَ فِي دَارٍ يُغْلِقُ بَابَهَا عَلَيْهِ وَيَحُولُ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ فِي حَالٍ مَا , وَذَلِكَ مِنْ حُقُوقِهِ بِحَقِّ مِلْكِهِ لِبَقِيَّةِ الدَّارِ الَّتِي أَحْدَثَهُ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ وَأَصْحَابُهُ رَحِمَهُمُ اللهُ. فَتَأَمَّلْنَا نَحْنُ هَذَا الْحَدِيثَ هَلْ يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَهُ هَذَا الْمُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا ذَكَرْنَا أَمْ لَا. فَوَجَدْنَا أَمْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ الْمَوَاضِعَ الَّتِي فِيهَا الدُّورُ لَا الدُّورَ الَّتِي تُغْلَقُ عَلَيْهَا الْأَبْوَابُ , فَيَكُونُ ذَلِكَ الِاتِّخَاذُ لِتِلْكَ الْمَسَاجِدِ فِي خِلَالِ الدُّورِ الَّتِي يُبْنَى فِيهَا وَفِي أَفْنِيَتِهَا لَا دَاخِلَ شَيْءٍ مِنْهَا مِمَّا يُغْلِقُ عَلَيْهِ أَبْوَابَهَا ; لِأَنَّ مَا جَمَعَ الدُّورَ مِنَ الْمَوَاضِعِ يُسَمَّى بِجُمْلَتِهِ دُورًا إِذْ كَانَتِ الدُّورُ لَا تَتَهَيَّأُ سُكْنَاهَا إِلَّا بِهِ كَمَا سَمَّى اللهُ تَعَالَى الْبَلْدَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي كِتَابِهِ أَنَّهَا دَارُ الْفَاسِقِينَ بِدَارِ الْفَاسِقِينَ , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} [الأعراف: ١٤٥] وَفِيهَا الطُّرُقَاتُ وَمَا سِوَاهَا مِمَّا لَا يَكُونُ الْبُلْدَانُ إِلَّا بِهِ. وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْوَعِيدِ لِقَوْمِ نَبِيِّهِ صَالِحٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {تَمَتَّعُوا ⦗٢٤٢⦘ فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ} [هود: ٦٥] , ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [الأعراف: ٧٨] وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ الصَّيْحَةَ فِيمَنْ ذَكَرَهَا فِيهِ: {وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [هود: ٩٤] فَذَكَرَ عَزَّ وَجَلَّ مَوَاضِعَهُمْ بِالدِّيَارِ وَذَكَرَ أَنَّهَا دَارٌ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْبَلَدَ قَدْ تُسَمَّى دَارًا , وَأَنَّهَا قَدْ تُسَمَّى دُورًا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute