٣٠١٢ - وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ، عَنِ ابْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَيْنٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَجَلَسَ فَتَحَدَّثَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ , ثُمَّ انْسَلَّ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اطْلُبُوهُ فَاقْتُلُوهُ "، فَسَبَقْتُهُمْ إلَيْهِ فَقَتَلْتُهُ وَأَخَذْتُ سَلَبَهُ، فَنَفَّلَنِي إيَّاهُ ". ⦗٩⦘ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ؟ " قَالُوا: ابْنُ الْأَكْوَعِ، فَقَالَ: " لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ ". فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا مِنَ الْعَدُوِّ وَدَخَلَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ أَمَانٍ أَوْ أَسَرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ سَلَبُهُ دُونَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ لَمْ يَقْتُلْهُ، كَمَا يَقُولُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْحَرْبِيِّ إذَا دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ أَمَانٍ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ يَكُونُ لَهُ دُونَهُمْ، فَمَرَّةً قَالَا: فِيهِ الْخُمُسُ , وَمَرَّةً قَالَا: لَا خُمُسَ فِيهِ. وَخَالَفَا أَبَا حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: هُوَ لَهُ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ; لِأَنَّهُ عِنْدَهُ مَغْنُومٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ الَّتِي قَدْ صَارَ فِيهَا , وَكَانَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي ذَلِكَ مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ فِيمَا قَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّكَازِ الْمَوْجُودِ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ، أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ دُونَ بَقِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرَ الْخُمُسِ فَإِنَّهُ فِيهِ لِأَهْلِهِ ; لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ مَا لَمْ يَكُنْ غَنْمٌ بِافْتِتَاحِ الدَّارِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا فَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا غَنِمَهُ , وَأَخَذَهُ حِينَ وَجَدَهُ وَاسْتَحَقَّهُ بِذَلِكَ دُونَ بَقِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الْخُمُسِ الَّذِي فِيهِ لِأَهْلِهِ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَهُ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ حَدِيثُ سَلَمَةَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فِيهِ الْخُمُسُ لِأَهْلِهِ , وَلَكِنْ تَرَكَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَلَمَةَ ; لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ، كَمَا قَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ⦗١٠⦘ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِأَبِي طَلْحَةَ فِي سَلَبِ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ لَمَّا قَتَلَ مَرْزُبَانَ الزَّأْرَةِ: " إنَّا كُنَّا لَا نُخَمِّسُ الْأَسْلَابَ، وَإِنَّ سَلَبَ الْبَرَاءِ قَدْ بَلَغَ مَالًا عَظِيمًا , وَلَا أُرَانَا إِلَّا خَامِسِيهِ " قَالَ: فَخَمَّسَهُ. ⦗١١⦘ وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ لِسَلَمَةَ: " فَنَفَّلَنِي يَعْنِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهُ ". يُرِيدُ سَلَبَ ذَلِكَ الْقَتِيلِ، فَكَانَ مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ إخْبَارُ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ سَلَبَ ذَلِكَ الْقَتِيلِ لَهُ. فَفِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ إيَّاهُ بِمَا كَانَ مِنْهُ إلَى الْمَقْتُولِ الَّذِي ذَلِكَ السَّلَبُ سَلَبُهُ , وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي: " فَنَفَّلَنِي إيَّاهُ " إخْبَارٌ مِنْ سَلَمَةَ بِذَلِكَ , وَلَيْسَ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَفَّلَهُ إيَّاهُ , وَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَخْبَرَ أَنَّهُ قَتَلَهُ " لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ " فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ سَلَبَهُ لَهُ بِقَتْلِهِ إيَّاهُ. فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَنْ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ سَلَبَهُ وَأَنَّهُ إنْ لَمْ، يَقْتُلْهُ وَكَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ وُقُوعُ الْإِمْلَاكِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ دُونَ بَقِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرَ الْخُمُسِ الْوَاجِبِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِأَهْلِهِ. وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرِّكَازِ الَّذِي قَدْ حَوَتْهُ دَارُ الْإِسْلَامِ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ غَانِمًا لَهُ وَيَكُونُ لَهُ غَيْرُ خُمُسِهِ فَإِنَّهُ لِأَهْلِهِ , وَلَا يَكُونُ كَمَا غَنِمَهُ مُفْتَتِحُو تِلْكَ الْأَرْضِ ; لِأَنَّ أَيْدِيَهُمْ لَمْ تَكُنْ وَصَلَتْ إلَيْهِ , وَإِنَّمَا الْيَدُ الَّتِي وَصَلَتْ إلَيْهِ هِيَ يَدٌ وَاحِدَةٌ , فَمِثْلُ ذَلِكَ الْحَرْبِيُّ الْمَأْخُوذُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِنَفْسِهِ وَمَتَاعُهُ لَا يَكُونُ مَغْنُومًا بِالدَّارِ , وَإِنَّمَا يَكُونُ مَغْنُومًا بِالْأَخْذِ , فَيَكُونُ لِآخِذِهِ وَيَكُونُ خُمُسُهُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute