وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: " أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الْخَيْلِ ⦗٧٤⦘ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ ; لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: ٨] ، وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الْأَنْعَامِ: {لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [غافر: ٧٩] ، وَقَالَ: تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨] . قَالَ مَالِكٌ: فَذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْخَيْلَ، وَالْبِغَالَ، وَالْحَمِيرَ لِلرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ، وَذَكَرَ الْأَنْعَامَ لِلرُّكُوبِ وَالْأَكْلِ مِنْهَا. قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا ". ⦗٧٥⦘ فَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَكَانَا يَذْهَبَانِ فِي ذَلِكَ إلَى إبَاحَةِ أَكْلِ لُحُومِهَا. كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ فَذَكَرَ مَا قَدْ حَكَيْنَاهُ عَنْهُ أَيْضًا. فَتَأَمَّلْنَا مَا حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ مِمَّا احْتَجَّ بِهِ فِي كَرَاهِيَةِ لُحُومِ الْخَيْلِ مِنْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا خَلَقَهَا لِلرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ، هَلْ ذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ أَكْلَ لُحُومِهَا أَمْ لَا؟ فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: ١١٨] {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ، وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: ١١٩] . فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا قَدْ خَلَقَهُمْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، إذْ كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦] . فَعَقِلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُمْ مَخْلُوقُونَ لِمَا ذَكَرَ خَلْقَهُ إيَّاهُمْ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ مِثْلَهُ قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: ٨] لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ خَلَقَهَا لِذَلِكَ وَلِمَا سِوَاهُ مِمَّا أَبَاحَهُ مِنْ أَفْعَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إطْعَامِهِ النَّاسَ لُحُومَهَا. وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ وَجَدْنَاهُ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute