٣٠٩٣ - وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَحْرِ بْنِ مَطَرٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَكَانَ مِنَ الْعِلْمِ بِمَكَانٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " أَسْلَمَ أَبِي وَأَبَتْ أُمِّي أَنْ تُسْلِمَ، فَاخْتَصَمَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا غُلَامٌ، فَقَالَ أَبِي: أَنَا أَحَقُّ بِهِ، وَقَالَتْ أُمِّي: أَنَا أَحَقُّ بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنْ شِئْتُمَا خَيَّرْتُهُ "، فَوَثَبَتْ أُمِّي لِلُطْفِهَا بِي فَقَالَتْ: قَدْ رَضِيتُ، قَالَ أَبِي: قَدْ رَضِيتُ، فَدَعَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا غُلَامُ، إنْ شِئْتَ اذْهَبْ إلَى أَبِيكَ , وَإِنْ شِئْتَ اذْهَبْ إلَى أُمِّكَ "، فَتَوَجَّهْتُ نَحْوَ أُمِّي، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ مِنْ خَلْفِي: " اللهُمَّ اهْدِهِ "، فَتَوَجَّهْتُ إلَى أَبِي حَتَّى قَعَدْتُ فِي حِجْرِهِ ". فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ تَخْيِيرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ الصَّبِيِّ إنَّمَا كَانَ بَعْدَ اخْتِيَارِ أَبَوَيْهِ أَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَهُمَا، فَوَجَبَ بِتَصْحِيحِ مَا رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا رُوِّينَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ وَلَا يُتْرَكَ , وَأَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعْمَلُ فِي مِثْلِ هَذَا دُعَاءَ أَبَوَيِ الصَّبِيِّ إلَى الِاسْتِهَامِ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَجَابَا إلَى ذَلِكَ أُسْهِمَ بَيْنَهُمَا عَلَيْهِ , وَإِنْ أَبَيَا ذَلِكَ ثُمَّ سَأَلَا أَنْ يُخَيَّرَ الصَّبِيُّ بَيْنَهُمَا لِيَخْتَارَ أَحَدَهُمَا فَيَكُونَ أَحَقَّ بِهِ مِنَ الْآخَرِ فَعَلَ ذَلِكَ فِيهِ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمَا اخْتِيَارٌ فِي ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يُرْجَعَ إلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنَةِ حَمْزَةَ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ، فَيُسْتَعْمَلُ فِيهِ وَيُقْضَى ⦗١٠٥⦘ بِهِ لِمَنْ يَرَاهُ الْحَاكِمُ فِيهِ أَوْلَى بِهِ مِنَ الْمُخْتَصِمِينَ إلَيْهِ فِيهِ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ صَاحِبُ هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ بَيَّنَهُ لَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ فِي رِوَايَتِهِ إيَّاهُ عَنْهُ، وَأَنَّهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَكَانَ مَا نَسَبَهُ إلَيْهِ غَيْرُهُ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ. فَقَالَ هُشَيْمٌ: فِيهِ ابْنُ سَلَمَةَ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَقَالَ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ: عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، فَكُلُّ مَنْ نَسَبَهُ إلَى غَيْرِ جَعْفَرٍ فَإِنَّمَا نَسَبَهُ إلَى كُنْيَةِ أَبِيهِ، أَوْ إلَى أَبٍ مِنْ آبَائِهِ يُسَمَّى بِذَلِكَ الِاسْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِهِ. وَقَدْ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ جَعْفَرٍ يَقُولُ: أَنَا حَدَّثْتُ الْبَتِّيَّ بِحَدِيثِ التَّخْيِيرِ بِالْأَهْوَازِ. فَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ هَذَا الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ هُوَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ كَمَا قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَضَى فِي مِثْلِ هَذَا بَيْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَبَيْنَ أُمِّ عَاصِمٍ ابْنِهِ الَّتِي كَانَ طَلَّقَهَا، فَجَعَلَهُ لَهَا بِغَيْرِ تَخْيِيرٍ بَيْنَهُمَا فِيهِ، إِلَّا أَنَّ فِيهِ حَرْفًا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ التَّخْيِيرُ فِي حَالٍ مُسْتَأْنَفَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute