فَوَجَدْنَا صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. (ح) وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ قَالَا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى رَجُلًا يَقْطَعُ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ وَيَعْلِفُهُ بَعِيرًا لَهُ، قَالَ: فَقَالَ: عَلَيَّ بِالرَّجُلِ، فَأُتِيَ بِهِ فَقَالَ: " يَا عَبْدَ اللهِ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ مَكَّةَ حَرَامٌ، لَا يُعْضَدُ عِضَاهُهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ؟ " فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَاللهِ مَا حَمَلَنِي عَلَى ذَلِكَ إِلَّا أَنَّ مَعِيَ نِضْوًا لِي، فَخَشِيتُ أَنْ لَا يُبَلِّغَنِي أَهْلِي، وَمَا مَعِي زَادٌ وَلَا نَفَقَةٌ، فَرَقَّ عَلَيْهِ بَعْدَمَا هَمَّ بِهِ، وَأَمَرَ لَهُ بِبَعِيرٍ مِنْ إبِلِ الصَّدَقَةِ مُوَقَّرًا صَحِيحًا، فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ وَقَالَ: " لَا تَعُودَنَّ أَنْ تَقْطَعَ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ شَيْئًا ". ⦗١٧٨⦘ وَقَدْ رُوِّينَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مَنْعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اخْتِلَاءِ خَلَا مَكَّةَ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ الِاخْتِلَاءَ مَا أُخِذَ بِالْيَدِ دُونَ مَا سِوَاهُ مِنْ إعْلَافِهِ الْإِبِلَ، عَلَى مَا قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَطَاءٍ، وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ مُوَافَقَتِهِ عَلَيْهِ. وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ مُحَرَّمَةٌ فِي نَفْسِهَا , فَجَمِيعُ الْأَفْعَالِ الَّتِي تُفْعَلُ فِيهَا مِنْ رَعْيٍ لَهَا , وَمِنَ اخْتِلَاءٍ لَهَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ , كَمَا الصَّيْدُ الْمُحَرَّمُ فِي نَفْسِهِ حَرَامٌ فِيهِ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا لِحُرْمَتِهِ فِي نَفْسِهِ , وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا أَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالْحَقِّ ; لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَاطَبَ الرَّجُلَ الَّذِي رَآهُ يَرْعَى بَعِيرَهُ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ بِمَا خَاطَبَهُ بِهِ فِيمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى حُرْمَةِ الرَّعْيِ فِيهِ، كَمَا دَلَّ عَلَى حُرْمَةِ الِاخْتِلَاءِ مِنْهُ. وَقَدْ رَوَى قَوْمٌ حَدِيثًا فِي حُرْمَةِ الْمَدِينَةِ وَفِي الْمَنْعِ مِنَ الِاخْتِلَاءِ مِنْ خَلَاهَا وَفِي أَنْ لَا يُقْطَعَ شَجَرُهَا إِلَّا أَنْ يَعْلِفَ الرَّجُلُ بَعِيرَهُ، فَاسْتَدَلُّوا بِذَلِكَ عَلَى مِثْلِهِ مِنْ شَجَرِ مَكَّةَ وَخَلَاهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute