٣١٦٦ - وَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: " ابْتَعْتُ زَيْتًا بِالسُّوقِ، فَلَمَّا اسْتَوْجَبْتُهُ لَقِيَنِي رَجُلٌ فَأَعْطَانِي بِهِ رِبْحًا حَسَنًا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِهِ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي بِذِرَاعِي , فَالْتَفَتُّ إلَيْهِ، فَإِذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ: " لَا تَبِعْهُ حَيْثُ ابْتَعْتُهُ حَتَّى تَحُوزَهُ إلَى رَحْلِكَ؛ فَإِنَّ رَسُولَ ⦗١٩١⦘ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إلَى رِحَالِهِمْ ". فَكَانَ جَرِيرٌ، وَابْنُ إِسْحَاقَ قَدِ اخْتَلَفَا فِي لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: أَحَدُهُمَا: " إلَى رَحْلِكَ "، وَقَالَ الْآخَرُ: " إلَى بَيْتِكَ "، فَعَادَ ذَلِكَ إلَى مَعْنَى مَا رُوِّينَاهُ قَبْلَهُ، وَثَبَتَ بِتَصْحِيحِ هَذِهِ الْآثَارِ أَنْ لَا يُبَاعَ مَا ابْتِيعَ مُجَازَفَةً حَتَّى يُحَوَّلَ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي ابْتِيعَ فِيهِ إلَى مَكَانٍ سِوَاهُ. وَهَكَذَا كَانَ الشَّافِعِيُّ يَذْهَبُ إلَيْهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى , وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْلَ مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ كَالْآدُرِ وَالْأَرْضِينَ يَجُوزُ بَيْعُهَا بَعْدَ ابْتِيَاعِهَا بِغَيْرِ قَبْضٍ لَهَا ; لِأَنَّهَا لَا يَتَهَيَّأُ فِيهَا الْمَعْنَى الَّذِي تَهَيَّأَ فِي غَيْرِهَا مِنَ النَّقْلِ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ الْكَيْلِ فِيمَا يُكَالُ. وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَذْهَبُ إلَيْهِ فِي بَيْعِ الْآدُرِ وَالْأَرْضِينَ الْمُبْتَاعَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا مِمَّنْ بَاعَهَا، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْيَهُ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُسْتَوْفَى. وَرُوِّيتُمْ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ⦗١٩٢⦘ أَيْضًا نَهْيَهُ فِي ابْتِيَاعِ الْجُزَافِ مِنَ الطَّعَامِ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُنْقَلَ إلَى مَكَانٍ آخَرَ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ حُكْمُ بَيْعِ الطَّعَامِ الْمُشْتَرَى كَيْلًا، وَحُكْمُ بَيْعِ الطَّعَامِ الْمُشْتَرَى جُزَافًا. ثُمَّ رُوِّيتُمْ عَنْهُ فِيهِ أَيْضًا فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْهُ ابْتِيَاعَهُ زَيْتًا بِالسُّوقِ , وَأَنَّهُ أَرَادَ بَيْعَهُ لِمَا أُعْطِيَ بِهِ مِنَ الرِّبْحِ مَا أُعْطِيَهُ، فَأَخَذَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ بِيَدِهِ مِنْ خَلْفِهِ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ , وَأَخْبَرَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ فِيهِ عَنْهُ، فَمَا كَانَتْ حَاجَتُهُ فِي ذَلِكَ إلَى زَيْدٍ حَتَّى أَخَذَ ذَلِكَ عَنْهُ، وَحَدَّثَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ؟ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ: أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يَرَى الزَّيْتَ مِنَ الطَّعَامِ إذْ كَانَ حُكْمُهُ الِائْتِدَامَ بِهِ لَا الْأَكْلَ لَهُ , وَكَانَ مَذْهَبُهُ حِلَّ بَيْعِ مَا اشْتُرِيَ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَرَ بَيْعَهُ لِذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِهِ إيَّاهُ بَأْسًا حَتَّى حَدَّثَهُ زَيْدٌ بِمَا حَدَّثَهُ بِهِ، فَعَلِمَ بِهِ أَنَّهُ كَالطَّعَامِ الْمَأْكُولِ الْمُشْتَرَى، لَا كَالْأَشْيَاءِ الْمَبِيعَةِ سِوَى ذَلِكَ، فَانْتَهَى إلَى مَا حَدَّثَهُ بِهِ زَيْدٌ فِيهِ، وَامْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ، حَتَّى يَكُونَ مِنْهُ فِيهِ مَا حَدَّثَهُ زَيْدٌ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِهِ فِيهِ، وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute