للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٢٩٥ - وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا قَالَ: " إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمُرْهُ؛ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ سُمًّا، وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً ". ⦗٣٤٣⦘ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ بِآثَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِوُجُوهِهَا: وَهَلْ لِلذُّبَابِ مِنَ اخْتِيَارٍ حَتَّى يُقَدِّمَ أَحَدَ جَنَاحَيْهِ لِمَعْنًى فِيهِ وَيُؤَخِّرَ الْآخَرَ لِمَعْنًى فِيهِ خِلَافَ ذَلِكَ الْمَعْنَى؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ: أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ قِرَاءَةَ مُتَفَهِّمٍ لِمَا يَقْرَؤُهُ مِنْهُ لَوَجَدَ فِيهِ مَا يَدُلُّهُ عَلَى صِدْقِ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} [النحل: ٦٨] {ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [النحل: ٦٩] الْآيَةَ، وَكَانَ وَحْيُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إلَيْهَا هُوَ إلْهَامُهُ إيَّاهَا أَنْ تَفْعَلَ مَا أَمَرَهَا بِهِ، كَمِثْلِ قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ فِي الْأَرْضِ: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة: ٤] {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة: ٥] . وَوَحْيُهُ لَهَا هُوَ إلْهَامُهُ إيَّاهَا مَا شَاءَ أَنْ يُلْهِمَهَا إيَّاهُ، حَتَّى يَكُونَ مِنْهَا مَا أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا , وَالنَّحْلُ كَذَلِكَ فِيمَا يُوحِيهِ إلَيْهَا ; لِيَكُونَ مِنْهَا مَا قَدْ شَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا. حَتَّى يَمْضِيَ فِي ذَلِكَ بِإِلْهَامِهِ إيَّاهَا لَهُ , وَحَتَّى يَكُونَ مِنْهَا مَا أَرَادَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا. فَمِثْلُ ذَلِكَ الذُّبَابُ أَلْهَمَهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَلْهَمَهُ مِمَّا يَكُونُ سَبَبًا لِإِتْيَانِهِ لِمَا أَرَادَهُ مِنْهُ مِنْ غَمْسِ أَحَدِ جَنَاحَيْهِ فِيمَا يَقَعُ فِيهِ مِمَّا فِيهِ الدَّاءُ، وَالتَّوَقِّي بِجَنَاحِهِ الْآخَرِ الَّذِي فِيهِ الشِّفَاءُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا ⦗٣٤٤⦘ أَخْبَرَ بِهِ عَنِ النَّمْلِ: {حَتَّى إذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [النمل: ١٨] . فَأَلْهَمَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا كَانَ مِنْهَا مِنْ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ سَبَبًا لِنَجَاتِهَا وَنَجَاةِ أَمْثَالِهَا مِنْ سُلَيْمَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ جُنُودِهِ، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الذُّبَابِ مِمَّا ذَكَرْنَا. وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ أَعْلَمَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْهُدْهُدِ مَعَ سُلَيْمَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: {إنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ} [النمل: ٢٣] الْآيَةَ، وَكَانَ ذَلِكَ لِإِلْهَامِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إيَّاهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ حَتَّى أَلْهَمَهُ مَا أَلْهَمَهُ مِمَّا أَنْطَقَهُ بِهِ. فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الذُّبَابِ مِمَّا ذَكَرْنَا , وَفِيمَا تَلَوْنَا مِمَّا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي النَّحْلِ وَفِي النَّمْلِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ سَائِرَ الْأَشْيَاءِ كَذَلِكَ , وَأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُلْهِمُهَا مَا شَاءَ إذَا شَاءَ حَتَّى يَكُونَ بِمَا يُلْهِمُهَا مِنْ ذَلِكَ لِغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ خَلْقِهِ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ قَبْلَ ذَلِكَ بِمِثْلِ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ الْإِلْهَامِ، وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>