٣٣٠٨ - مَا قَدْ حَدَّثَنَاهُ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، جَمِيعًا قَالَا: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ: أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، فَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا، فَجَلَسْتُ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَمَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ: " وَجَبَتْ " ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا، فَقَالَ عُمَرُ: " وَجَبَتْ "، ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا , فَقَالَ عُمَرُ: " وَجَبَتْ ". قَالَ: أَبُو الْأَسْوَدِ: لِمَ قُلْتَ: وَجَبَتْ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: " قُلْتُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ "، فَقُلْنَا: وَثَلَاثَةٌ؟ قَالَ: " وَثَلَاثَةٌ "، قُلْنَا: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: " وَاثْنَانِ "، ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ ". ⦗٣٥٨⦘ قَالَ فَكَانَ وَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْخَيْرِ لِمَنْ شُهِدَ لَهُ بِهِ سَتْرٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، وَمَنْ سَتَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَرْفَعْ عَنْهُ سِتْرَهُ فِي الْآخِرَةِ، كَمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِمَّا قَدْ رُوِّينَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا: " ثَلَاثَةٌ أَشْهَدُ عَلَيْهِمْ، وَالرَّابِعَةُ لَوْ شَهِدْتُ لَرَجَوْتُ أَنْ لَا آثَمَ. . . " ثُمَّ ذَكَرَ الثَّلَاثَةَ، ثُمَّ قَالَ: " وَالرَّابِعَةُ: لَا يَسْتُرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا إلَّا سَتَرَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ ". فَكَانَ ذَلِكَ الْوُجُوبُ هُوَ السِّتْرَ فِي الدُّنْيَا بِالثَّنَاءِ الْحَسَنِ , وَفِي الْآخِرَةِ بِالسِّتْرِ فِيهَا مِمَّا يَخَافُ فِيهَا , وَهُوَ النَّارُ، وَكَانَ الثَّنَاءُ بِالذَّمِّ فِي الدُّنْيَا هُوَ رَفْعَ السِّتْرِ عَنِ الَّذِي أُثْنِيَ عَلَيْهِ بِهِ، فَكَانَ فِي الدُّنْيَا ضِدًّا لِمَنْ أُثْنِيَ عَلَيْهِ بِالْخَيْرِ فِيهَا، فَكَانَ كَذَلِكَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ يَكُونُ فِيهَا ضِدًّا لِمَنْ أُثْنِيَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا بِالْخَيْرِ , وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ اسْتَحَقَّ النَّارَ وَهَذَا الِاسْتِخْرَاجُ مِنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَجَبَتْ "، وَمِمَّا قَالَهُ مَعَهُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ مِنْ أَدَقِّ اسْتِخْرَاجٍ وَأَحْسَنِهِ , وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute