للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٣٣٣ - وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ⦗٣٨٦⦘ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ.

٣٣٣٤ - وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ الْعَدَوِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي أَخِي أُنَيْسٌ: " إنِّي مُنْطَلِقٌ إلَى مَكَّةَ فَاكْفِنِي حَتَّى آتِيَكَ، فَانْطَلَقَ فَرَاثَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: مَا حَبَسَكَ؟ فَقَالَ: لَقِيتُ بِمَكَّةَ رَجُلًا عَلَى دِينِكَ، يَزْعُمُ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَهُ، قُلْتُ: فَمَا يَقُولُ فِيهِ النَّاسُ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: شَاعِرٌ، وَيَقُولُونَ: كَاهِنٌ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ، فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ، وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشِّعْرِ فَمَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ أَنَّهُ شِعْرٌ. قَالَ أَبُو ذَرٍّ: يَا ابْنَ أَخِي، وَكَانَ أُنَيْسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ، فَوَاللهِ إنَّهُ لَصَادِقٌ، وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ". قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَكَانَ فِي الشِّعْرِ حِكَمٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً " وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي مَوْضِعٍ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إنْ شَاءَ اللهُ، فَكَانَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا قَدْ حُكِيَ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ كَلَامُهُ بِهِ هُوَ مِنَ الْحِكَمِ الَّتِي ⦗٣٨٧⦘ فِي الشِّعْرِ، فَتَكَلَّمَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ حِكْمَةٌ , وَاللهُ يُجْرِي الْحِكْمَةَ عَلَى لِسَانِهِ، لَا أَنَّهُ شِعْرٌ أَرَادَهُ مِمَّا لَا حِكْمَةَ فِيهِ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ مِنْهُ إلَّا بِمَا فِيهِ حَاجَتُهُ مِنْهُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، لَا بِمَا سِوَاهُ، وَقَدْ يَتَكَلَّمُ الرَّجُلُ بِالْكَلَامِ الْمَوْزُونِ مِمَّا لَوْ شَاءَ أَوْ غَيْرُهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ مَا يَكُونُ شِعْرًا فَعَلَ، وَلَيْسَ بِشِعْرٍ، وَلَا قَائِلُهُ شَاعِرٌ، وَنَحْنُ نَجِدُ فِي طِبَاعِ بَنِي آدَمَ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الصِّنَاعَاتِ بِعَمَلِ الْأَلْسُنِ، كَالْفِقْهِ وَمَا أَشْبَهَهُ، فَيَحْكِي مِنْهُ شَيْئًا كَمَا يَحْكِيهِ الْفُقَهَاءُ، فَلَا يَكُونُ بِحِكَايَتِهِ إيَّاهُ فَقِيهًا، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ يَحْكِي بَيْتًا مِنَ الشِّعْرِ، أَوْ مَا دُونَ الْبَيْتِ عَلَى وَزْنِ الشِّعْرِ، لَا يَكُونُ بِهِ شَاعِرًا. وَلَقَدْ زَعَمَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، وَمَوْضِعُهُ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ مَوْضِعُهُ، لَا سِيَّمَا مِنَ الشِّعْرِ، وَمِنْ وَزْنِهِ، وَمِنْ تَقْطِيعِهِ، وَمِنْ ذِكْرِ أَنْوَاعِهِ: أَنَّ الْأَرَاجِيزَ لَيْسَتْ بِشِعْرٍ , وَأَنَّهَا كَلَامٌ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ النَّاسُ عَلَى وَزْنِ الشِّعْرِ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّعُ وَلَيْسَ بِشِعْرٍ. وَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ وَضَحَ بِهِ جَهْلُ هَذَا الْجَاهِلِ، وَنَفْيُهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَيْسَ مُنْتَفِيًا عَنْهُ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ يُخَالِفُ لِمَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَاهَا، وَلِأَنَّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ فِي الْآثَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا إنَّمَا كَانَ بِالْحِكْمَةِ الَّتِي فِيهَا، أَوْ بِشَيْءٍ عَلِقَ بِلِسَانِهِ مِنَ الشِّعْرِ فَنَطَقَ بِهِ، لَمْ يَكُنْ بِهِ شَاعِرًا , وَلَا دَاخِلًا فِي الْمَعْنَى الَّذِي نَفَاهُ اللهُ عَنْهُ، وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>