٣٣٧٠ - مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَقِيلُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي جُرَيٍّ الْهُجَيْمِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَبَا جُرَيٍّ، لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَصُبَّ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ الْمُسْتَسْقِي، وَأَنْ تَلْقَى أَخَاكَ وَوَجْهُكَ إلَيْهِ مُنْبَسِطٌ، وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ؛ فَإِنَّهُ مِنَ ⦗٤٤٢⦘ الْمَخِيلَةِ، وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْخُيَلَاءَ ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ يَسُبُّنِي بِمَا فِيَّ، أَسُبُّهُ بِمَا فِيهِ؟ قَالَ: " لَا، فَإِنَّ أَجْرَ ذَلِكَ لَكَ، وَإِثْمَهُ وَوَبَالَهُ عَلَيْهِ ". فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَمْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّفْحِ وَتَرْكِ السِّبَابِ لِمَنْ سَبَّ , وَالشِّعْرُ مِنْ أَكْبَرِ السَّبِّ، فَمِنْ أَيْنَ جَازَ لَكُمْ أَنْ تَرْوُوا عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُخَالِفُ هَذِهِ الْأَخْلَاقَ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ: أَنَّ الَّذِي تَوَهَّمَهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ لَيْسَ هُوَ كَمَا تَوَهَّمَهُ فِيهِ ; لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنَّ فُلَانًا هَجَانِي وَهُوَ يَعْلَمُ أَنِّي لَسْتُ بِشَاعِرٍ فَأَهْجُوَهُ " إنَّمَا وَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، عَلَى نَفْيِ الشِّعْرِ عَنْهُ ; لِأَنَّ رُتْبَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَلُّ مِنْ رُتَبِ الشُّعَرَاءِ , وَهِيَ أَعْلَى رُتَبَ النُّبُوَّةِ، وَتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ مَنْزِلَتَهُ فِي الرِّفْعَةِ , وَكَانَ مَنْ هَجَاهُ مَنْزِلَتُهُ الْمَنْزِلَةُ الْوَضِيعَةُ إذْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السِّبَابِ , وَكَانُوا مَعَ ذَلِكَ إنَّمَا يُهَاجُونَ إذَا هَجَوْا أَكْفَاءَهُمْ، فَأَمَّا مَنْ سِوَى أَكْفَائِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُهَاجُونَهُمْ، فَكَانُوا يَرْفَعُونَ أَنْفُسَهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَمِنْ ذَلِكَ هِجَاءُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ لِأَبِي ⦗٤٤٣⦘ سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ لَمَّا هَجَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute