٣٤٦٢ - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سِتَّةٌ لَعَنْتُهُمْ " ثُمَّ ذَكَرَ السِّتَّةَ الْمَذْكُورِينَ فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ ⦗٨٧⦘ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَخْذُ ابْنِ مَوْهَبٍ إِيَّاهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ , لَا عَنْ عَمْرَةَ , وَلَا عَنْ غَيْرِهَا , وَكَانَ الثَّوْرِيُّ هُوَ الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ , وَالْأَوْلَى أَنْ تُقْبَلَ رِوَايَتُهُ فِيهِ عَنِ ابْنِ مَوْهَبٍ لِسِنِّهِ وَضَبْطِهِ وَحِفْظِهِ , غَيْرَ أَنَّ ابْنَ أَبِي الْمَوَالِ ذَكَرَ الْقِصَّةَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهِ مِنْ بَعْثِهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ إِيَّاهُ إِلَى عَمْرَةَ فِي ذَلِكَ , وَإِمْلَاءِ عَمْرَةَ إِيَّاهُ عَلَيْهِ عَنْ عَائِشَةَ , فَقَوِيَ فِي الْقُلُوبِ لِذَلِكَ , وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ابْنُ مَوْهَبٍ أَخَذَهُ عَنْ عَمْرَةَ عَلَى مَا حَدَّثَ بِهِ عَنْهَا , وَأَخَذَهُ مَعَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَى مَا حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ مِمَّا قَدْ ذَكَرَهُ عَنْهُ الثَّوْرِيُّ , وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ. ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَتْنَ هَذَا الْحَدِيثِ , فَكَانَ الَّذِي فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْجَبَرُوتِ اشْتِقَاقَ ذَلِكَ مِنَ الْجَبْرِيَّةِ كَمَا اشْتَقُّوا الْمَلَكُوتَ مِنَ الْمُلْكِ , وَكَانَ الَّذِي فِيهِ مِنَ اسْتِحْلَالِ حُرَمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ أَنْ يُجْعَلَ كَمَا سِوَاهُ مِمَّا لَمْ يُحَرِّمْهُ مِنْ بِلَادِهِ , إِذْ كَانَ قَدْ أَبَانَهُ بِتَحْرِيمِهِ إِيَّاهُ مِنْ سَائِرِ بِلَادِهِ سِوَاهُ , مِنْ مَنْعِ عِبَادِهِ مِنْ دُخُولِهِ إِلَّا مُحْرِمِينَ إِمَّا بِالْحَجِّ , وَإِمَّا بِالْعُمْرَةِ , وَمِنْ تَحْرِيمِ صَيْدِهِ , وَمِنْ أَمَانِهِ مَنْ دَخَلَهُ , بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: ٩٧] , وَبِتَحْرِيمِهِ عِضَاهَهُ الْحُرْمَةَ الَّتِي لَمْ يَجْعَلْهَا كَعِضَاهِ غَيْرِهِ , وَمِنْ مَنْعِهِ الْقِتَالَ فِيهِ مَنْ لَا يَجِبُ قِتَالُهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ أَعْلَمَنَا عَزَّ وَجَلَّ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ أَنَّ مَكَّةَ لَا تُغْزَى بَعْدَ الْعَامِ الَّذِي غَزَاهُ , ⦗٨٨⦘ وَأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ قُرَشِيُّ بَعْدَ عَامِهِ ذَلِكَ صَبْرًا , أَيْ لَا يَكْفُرُ أَهْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ الْعَامِ فَيُغْزَوْنَ كَمَا غُزُوا فِي ذَلِكَ الْعَامِ , وَلَا يَكْفُرُ قُرَشِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَامِ الْكُفْرَ الَّذِي أَبَاحَ دِمَاءَ أَهْلِهَا الْقُرَشِيِّينَ فِي ذَلِكَ الْعَامِ , فَمَنْ أَنْزَلَ الْحَرَمَ بِخِلَافِ تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ كَانَ بِهِ مَلْعُونًا , وَكَانَ قَوْلُهُ: " وَالْمُسْتَحِلُّ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ " , وَعِتْرَتُهُ هُمْ أَهْلُ بَيْتِهِ الَّذِينَ عَلَى دِينِهِ , وَعَلَى التَّمَسُّكِ بِأَمْرِهِ , كَمِثْلِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِمَّا كَانَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَدِيرِ خُمٍّ مِنْ قَوْلِهِ لِلنَّاسِ: " إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعِتْرَتِي " , وَمِمَّا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَكُنْ ذَكَرْنَاهُ هُنَاكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute