وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: " لَا قِصَاصَ فِي اللَّطْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى مَا حَدُّهَا " قَالَ: وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى خُرُوجِكُمْ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ , لَا إِلَى حَدِيثٍ مِثْلِهِ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ: إِنَّا مَا خَرَجْنَا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا تَرَكْنَاهُ , وَمَا هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْنَا فِي دَفْعِنَا الْقِصَاصَ مِنَ اللَّطْمَةِ , بَلْ هُوَ حُجَّةٌ لَنَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَوْ كَانَ فِيهَا وَاجِبًا لَأَبَاحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْذَهُ مِمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ لِمَنْ وَجَبَ لَهُ , وَلَمَا مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ جَلَالَةُ مَنْزِلَةِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ , كَمَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ فَاطِمَةَ الَّتِي هِيَ إِلَيْهِ أَقْرَبُ مِنَ الْعَبَّاسِ بِأَنْ قَالَ: " وَاللهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا " , وَلَكِنَّهُ لَمْ يَرَ اللَّطْمَةَ الَّتِي كَانَتْ مُوجِبَةً شَيْئًا , فَتَرَكَ لِذَلِكَ أَخْذَ شَيْءٍ بِهَا مِنَ الْعَبَّاسِ لِلَّذِي كَانَ مِنْهُ إِلَيْهِ , وَمَعْقُولٌ فِي نَفْسِ الْفِقْهِ أَنَّ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا عَمْدًا يُوجِبُ أَخْذُهُ عَلَيْهِ شَيْئًا , أَنَّهُ إِذَا أَخَذَهُ غَيْرَ عَمْدٍ , وَجَبَ عَلَيْهِ فِي أَخْذِهِ إِيَّاهُ شَيْءٌ , إِمَّا مِثْلُهُ , وَإِمَّا غَيْرُهُ , مِنْ ذَلِكَ أَنَّ ⦗١٤٨⦘ رَجُلًا لَوِ اسْتَهْلَكَ لِرَجُلٍ مَالًا عَلَى خَطَأٍ كَانَ مِنْهُ أَنَّ عَلَيْهِ لَهُ مِثْلَهُ إِنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ , أَوْ قِيمَتَهُ إِنْ كَانَ لَا مِثْلَ لَهُ , وَأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ عَمْدًا لَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ , وَلَوْ قَتَلَهُ خَطَأً وَجَبَتْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ , فَكَانَ مِثْلَ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ اللَّطْمَةِ الَّتِي لَمْ تَجْرَحْ , وَلَمْ تُؤَثِّرْ فِي وَجْهِ الْمَلْطُومِ أَثَرًا , لَا شَيْءَ فِيهَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ خَطَأً , فَمِثْلُ ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ عَمْدًا لَا شَيْءَ فِيهَا , وَلِهَذَا الْمَعْنَى , وَاللهُ أَعْلَمُ , تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ لِلَّذِي لَطَمَهُ الْعَبَّاسُ مِنَ الْعَبَّاسِ لِلَطْمَتِهِ إِيَّاهُ شَيْئًا مِنْ قَوَدٍ , وَمِنْ غَيْرِهِ. فَقَالَ: فَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute