للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٥٣٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ , عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ , عَنْ أَبِي بَرْزَةَ , أَنَّ جَارِيَةً , بَيْنَا هِيَ عَلَى بَعِيرٍ , أَوْ رَاحِلَةٍ , عَلَيْهِ بَعْضُ مَتَاعِ الْقَوْمِ , فَأَتَتْ عَلَى جَبَلٍ فَتَضَايَقَ بِهَا الْجَبَلُ , فَأَتَى عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبْصَرَتْهُ , فَجَعَلَتْ تَقُولُ: حَلْ , اللهُمَّ الْعَنْهُ , حَلْ , اللهُمَّ الْعَنْهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ؟ لَا يَصْحَبْنَا بَعِيرٌ أَوْ رَاحِلَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ مِنَ اللهِ " أَوْ كَمَا قَالَ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ , بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ: أَنَّ اللَّعْنَ فِي ⦗١٦٨⦘ كَلَامِ الْعَرَبِ هُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ , وَمِنْهُ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} , فَكَانَ لَعْنَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُمْ طَرْدَهُمْ عَنْهُ , وَإِبْعَادَهُمْ مِنْهُ. كَمَا حَدَّثَنَا وَلَّادٌ النَّحْوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَصَادِرِيُّ , عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى: لَعَنَهُمُ اللهُ: أَيْ أَطْرَدَهُمُ اللهُ وَأَبْعَدَهُمْ , يُقَالَ: ذِئْبٌ لَعِينٌ؛ أَيْ: مَطْرُودٌ. قَالَ شَمَّاخُ بْنُ ضِرَارٍ "

[البحر الطويل]

ذَعَرْتُ بِهِ الْقَطَا وَنَفَيْتُ عَنْهُ ... مَقَامَ الذِّئْبِ كَالرَّجُلِ اللَّعِينِ

" فَكَانَ قَوْلُهَا ذَلِكَ - أَعْنِي: لَعَنَهَا اللهُ - لِنَاقَتِهَا؛ أَيْ: أَطْرَدَهَا اللهُ , وَأَبْعَدَهَا عَلَى وَجْهِ الدُّعَاءِ مِنْهَا عَلَيْهَا بِذَلِكَ , فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَافَقَ مِنْهَا وَقْتًا يُنِيلُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ عَطَاءَهُ , فَلَمَّا سَأَلَتْهُ تِلْكَ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ فِي نَاقَتِهَا أَجَابَهَا فِيهَا , فَصَارَتْ بِهِ مَلْعُونَةً؛ أَيْ: مَطْرُودَةً مُبَاعَدَةً , لَا لِمَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي حَلَّ بِالنَّاقَةِ مِنْ عُقُوبَةٍ لَهَا , إِذْ كَانَتْ لَا ذَنْبَ لَهَا ⦗١٦٩⦘ فِيمَا كَانَ مِنْ مَالِكَتِهَا فِيهَا , وَعَادَتِ الْعُقُوبَةُ فِي ذَلِكَ وَالذَّمُّ عَلَيْهِ , عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ مِنْهَا اللَّعْنَةُ , فَمَنَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَصْحَبَهُ نَاقَةٌ قَدْ جَعَلَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَطْرُودَةً , وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَنْعُ صَاحِبَتِهَا مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهَا فِي الْمُسْتَأْنَفِ لِإِجَابَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهَا فِيهَا بِمَا دَعَتْهُ عَلَيْهَا , وَلَمَّا عَادَتْ مَطْرُودَةً مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ , مَنَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صُحْبَتِهَا إِيَّاهُ؛ لِأَنَّ صُحْبَتَهَا إِيَّاهُ ضِدٌّ لِلطَّرْدِ الَّذِي أَحَلَّهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ , وَأَصَارَهَا إِلَيْهِ , وَقَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ اللَّعْنِ أَنَّهُ الدُّعَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>