٣٥٤٣ - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى , عَنْ أَبِيهِ: " أَنَّ رَجُلَيْنِ , اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَقَطِ نَخْلَةٍ , فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَرِيدَةً مِنْ جَرِيدِهَا فَذَرَعَهَا , فَإِذَا هِيَ خَمْسُ أَذْرُعٍ , فَقَضَى أَنَّ حَرِيمَهَا خَمْسُ أَذْرُعٍ " وَلَمْ يَذْكُرْ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِهِ أَبَا سَعِيدٍ ⦗١٧٥⦘ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ , فَكَانَ أَحْسَنَ مَا حَضَرْنَا فِيهِ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ النَّخْلَةُ الَّتِي يَغْرِسُهَا صَاحِبُهَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ مِنْ مَوَاتِ الْأَرَضِينَ , فَيَمْلِكُهُ بِمَا يُمْلَكُ بِهِ الْمَوَاتُ مِنْ أَمْرِ الْإِمَامِ بِذَلِكَ , عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْمَوَاتَ لَا يُمْلَكُ إِلَّا بِتَمْلِيكِ الْإِمَامِ إِيَّاهُ مَنْ يُمَلِّكُهُ إِيَّاهُ مِنَ النَّاسِ , وَهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ , وَمِنْ إِحْيَائِهِ إِيَّاهُ , وَرَفْعِ الْمَوَاتِ عَنْهُ , وَإِنْ لَمْ يُمَلِّكْهُ الْإِمَامُ إِيَّاهُ , فَيَمْلِكُهُ بِذَلِكَ , كَمَا يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , وَأَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ. فَكَانَ إِذَا غَرَسَهَا كَمَا ذَكَرْنَا , اسْتَحَقَّ بِذَلِكَ مَا لَا يَقُومُ إِلَّا بِهِ وَهُوَ الْحَرِيمُ الَّذِي جُعِلَ لَهَا فِيمَا رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ , كَمَا تَكُونُ الْآبَارُ الَّتِي تُتَّخَذُ فِي الْأَرَضِينَ الْمَوَاتِ مِنَ الْحَرِيمِ الَّذِي لَا يَقُومُ إِلَّا بِهِ , فَمِنْهَا بِئْرُ الْعَطَنِ , لَهَا مِنَ الْحَرِيمِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِهَا. وَمِنْهَا بِئْرُ النَّاضِحِ يَكُونُ لَهَا مِنَ الْحَرِيمِ سِتُّونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِهَا. وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُ فِي هَاتَيْنِ الْبِئْرَيْنِ: إِنَّ حَرِيمَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْأَذْرُعُ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهَا حَرِيمٌ لَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَبْلُ الَّذِي يُسْتَقَى بِهِ مِنْهَا , وَيَجُرُّهُ الْبَعِيرُ الَّذِي يَسْتَقِيهِ مِنْهَا , يَتَجَاوَزُ بِهِ الْمِقْدَارَ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الْأَذْرُعِ لَهَا , فَيَكُونُ حَرِيمُهَا إِلَى حَيْثُ يَتَنَاهَى ⦗١٧٦⦘ إِلَيْهِ , وَإِنَّمَا الْأَذْرُعُ الَّتِي ذَكَرْنَا عِنْدَهُ , إِذَا كَانَ الْحَبْلُ يَتَنَاهَى إِلَى الْأَذْرُعِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا لَهَا , أَوْ إِلَى مَا دُونَهَا , وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فِي هَاتَيْنِ الْبِئْرَيْنِ , كَانَ مِثْلَهُ حَرِيمُ النَّخْلَةِ الَّتِي يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لَهَا لِيَكُونَ مَشْرَبًا لَهَا , وَلِيَلْتَقِطَ ثَمَرَهَا , وَلِيَبْقَى لَهَا جَرِيدُهَا , فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَنَا , وَاللهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثٌ آخَرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute