٤٣ - وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ نُوحٍ، حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَتَهُ , ثُمَّ وَقَفَ , فَقَالَ: " أَتَدْرُونَ أَيَّ يَوْمٍ هَذَا؟ " فَسَكَتْنَا حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ , ثُمَّ قَالَ: " أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " قُلْنَا: بَلَى , ثُمَّ قَالَ: " أَتَدْرُونَ أَيَّ شَهْرٍ هَذَا؟ " فَسَكَتْنَا حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ , فَقَالَ: " أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ؟ " فَقَالُوا: بَلَى , فَقَالَ: " أَتَدْرُونَ أَيَّ بَلَدٍ هَذَا؟ " فَسَكَتْنَا حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ , " فَقَالَ أَلَيْسَ الْبَلَدَ الْحَرَامَ؟ " فَقُلْنَا: بَلَى , قَالَ: " فَإِنَّ أَمْوَالَكُمْ , وَأَعْرَاضَكُمْ , وَدِمَاءَكُمْ حَرَامٌ بَيْنَكُمْ فِي مِثْلِ يَوْمِكُمْ هَذَا , فِي مِثْلِ شَهْرِكُمْ هَذَا , فِي مِثْلِ بَلَدِكُمْ هَذَا , أَلَا لِيُبَلِّغِ ⦗٣٥⦘ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ , فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ مُبَلِّغٍ , ثُمَّ مَالَ عَلَى نَاقَتِهِ إلَى غُنَيْمَاتٍ , فَجَعَلَ يُقَسِّمُهُنَّ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ الشَّاةُ , وَبَيْنَ الثَّلَاثَةِ الشَّاةُ " وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ , وَفِيهِ: رَكِبَ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَاقَتَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ خُطْبَتِهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ جُلُوسًا مِنْهُ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ , وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ كَانَ مِنْهُ فِي فِعْلِهِ مَا يُضَادُّ مَا كَانَ مِنْهُ فِي قَوْلِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْهُ فِي الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمَا , وَلَكِنَّهُ كَانَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ مِمَّا ذَكَرْنَا فِي ذَيْنِكَ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى نَهْيِهِ عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ , لِلْحَدِيثِ عَلَيْهَا الَّذِي لَا حَاجَةَ بِالْجَالِسِ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ مِنْهُ , وَإِذْ لَا فَضْلَ لِجُلُوسِهِ عَلَيْهَا لِذَلِكَ الْحَدِيثِ , وَجُلُوسُهُ عَلَى الْأَرْضِ , وَإِنْ كَانَ جُلُوسُهُ عَلَى ظَهْرِهَا لِذَلِكَ فَضْلًا لَمْ تَدْعُهُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ , وَفِي ذَلِكَ إتْعَابُهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ دَعَتْهُ إلَى ذَلِكَ مِنْهَا , وَكَانَ جُلُوسُهُ لِلْخُطْبَةِ عَلَى النَّاسِ عَلَيْهَا , وَلِإِسْمَاعِهِ إيَّاهُمْ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ مِمَّا لَا يَتَهَيَّأُ لَهُ مِثْلُهُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الْأَرْضِ , وَإِذَا كَانَ الْجُلُوسُ عَلَى الْأَرْضِ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ مَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ كَمَا يُسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُ , وَهُوَ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ , وَكَانَتْ خُطْبَتُهُ عَلَى ظَهْرِهَا بِمَا ذَكَرْنَا مِمَّا قَدْ دَعَتْهُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ , وَكَانَ مَا فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ نَهْيِهِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ فِيهِمَا إنَّمَا هُوَ نَهْيٌ عَنْ جُلُوسٍ عَلَى ظَهْرِهَا مِمَّا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ , فَخَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّا فِي الْحَدِيثَيْنِ , وَمِمَّا فِي خُطْبَتِهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ عَلَى مَعْنَى خِلَافِ ⦗٣٦⦘ الْمَعْنَى الَّذِي خَرَجَ عَلَيْهِ مَعْنَى مَا فِي صَاحِبِهِ , وَانْتَفَى أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ تَضَادٌّ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ مُعَاذٍ الْمَذْكُورِ فِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ وَهُوَ مُعَاذُ بْنُ أَنَسٍ الْجُهَنِيُّ , فَقَالَ: هَلْ ثَبَتَ لَهُ عِنْدَكُمْ صُحْبَةٌ يَجِبُ بِهَا إدْخَالُ حَدِيثِهِ الَّذِي رَوَيْتُمُوهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَدْخَلْتُمْ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي رَوَيْتُمُوهُ عَنْهُ فِيهِ لِصُحْبَةِ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟ فَقِيلَ لَهُ: نَعَمْ , قَدْ وَقَفْنَا عَلَى صُحْبَتِهِ لَهُ وَرِوَايَتِهِ عَنْهُ