للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٧٤٠ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِيدَ , فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: " إِنَّا نَخْطُبُ , فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ , وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ " ⦗٣٦٠⦘ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَعَقَلْنَا بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ إِطْلَاقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ شَاءَ مِنَ الْمُصَلِّينَ مَعَهُ تِلْكَ الصَّلَاةَ لِلِانْصِرَافِ قَبْلَ حُضُورِ خُطْبَتِهِ بَعْدَهَا أَنَّ الْخُطْبَةَ لِلْعِيدِ لَيْسَتْ كَالْخُطْبَةِ لِلْجُمُعَةِ فِي الْجُلُوسِ لَهَا , وَالِاسْتِمَاعِ إِلَيْهَا , وَتَرْكِ اللَّغْوِ فِيهَا , حَتَّى تَنْقَضِيَ , وَأَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ فِي خِطْبَةِ الْعِيدِ , وَمَحْظُورٌ فِي خِطْبَةِ الْجُمُعَةِ , وَذَلِكَ عِنْدَنَا - وَاللهُ أَعْلَمُ -؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لِلْجُمُعَةِ مَوْعِظَةٌ , وَعَلَى النَّاسِ الِاسْتِمَاعُ إِلَى الْمَوْعِظَةِ , كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: ١٢٥] , وَإِذَا كَانَ مَأْمُورًا بِالْمَوْعِظَةِ لَهُمْ , كَانُوا مَأْمُورِينَ بِالِاسْتِمَاعِ إِلَيْهَا , وَالْإِنْصَاتِ لَهَا , حَتَّى تَقَعَ مِنْهُمُ الْمَوْقِعَ الَّذِي أَرَادَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا مِنْهُمْ , وَجُعِلَتْ بِذَلِكَ - وَاللهُ أَعْلَمُ - الصَّلَاةُ الَّتِي بَعْدَهَا , وَهِيَ الْجُمُعَةُ مُضَمَّنَةً بِهَا , فَلَمْ تُجْزِئْ إِلَّا بَعْدَ تَقَدُّمِهَا إِيَّاهَا , وَلَيْسَتْ خُطْبَةُ الْعِيدِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْعِظَةً يُوعَظُونَ بِهَا , فَيَجِبُ عَلَيْهِمُ الِاسْتِمَاعُ إِلَيْهَا , وَالْإِنْصَاتُ لَهَا , وَلَكِنَّهَا تَعْلِيمٌ لَهُمْ مَا يَخْطُبُ بِهِ عَلَيْهِمْ فِيهَا , فَمِنْ ذَلِكَ مَا يَعْلَمُونَهُ فِيهَا فِي يَوْمِ الْفِطْرِ مِنْ إِخْرَاجِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ مِنَ الْأَجْنَاسِ الَّتِي هِيَ مِنْهَا , وَمِنَ الْمِقْدَارِ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مِنْهَا , وَمِنَ الْوَقْتِ الَّذِي يُخْرِجُونَهَا فِيهِ , وَمَنْ يُعْطَوْنَهُ إِيَّاهَا مِنَ النَّاسِ. وَمِنْ ذَلِكَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَمْرُهُ إِيَّاهُمْ بِالنَّحْرِ , وَمَا يَنْحَرُونَهُ فِيهِ , وَالْأَجْنَاسُ الَّتِي يَنْحَرُونَ مِنْهَا , وَمَا يَسْتَعْمِلُونَ فِيهِ مِمَّا يُضَحُّونَ بِهِ الذَّبْحَ , وَالْأَوْقَاتُ الَّتِي يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِيهَا , وَمَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يُضَحُّوا بِهِ مِنْ ذَوَاتِ ⦗٣٦١⦘ الْعُيُوبِ مِنْهَا , وَتِلْكَ الْعُيُوبُ الَّتِي يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فِيهَا مَا هِيَ , وَذَلِكَ مِمَّا يَغْنَى عَنْهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لِعِلْمِهِمْ بِهِ , وَلِأَخْذِ مَنْ لَا يَعْلَمُهُ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ مَنْ يَخْطُبُ بِهِ عَلَيْهِمْ , فَفَرْقٌ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ لِهَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي يَتَبَايَنَانِ بِهَا , وَجُعِلَتْ خُطْبَةُ الْعِيدِ كَخُطْبَةِ الْحَجِّ الَّتِي يُعَلِّمُ الْإِمَامُ النَّاسَ فِيهَا مَا يَصْنَعُونَهُ فِي حَجِّهِمْ , وَمَا يَجْتَنِبُونَهُ فِيهِ , وَذَلِكَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي السَّعَةِ لِلنَّاسِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهُ , وَتَرْكِ الِاسْتِمَاعِ إِلَيْهِ , وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>