٣٧٥٢ - وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَبْرَةَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي حَرْمَلَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ قَالَ: " لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِجْرَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: " مَنْ عَمِلَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ طَعَامًا فَلْيُلْقِهِ " , فَمِنْهُمْ مَنْ عَجَنَ الْعَجِينَ , وَمِنْهُمْ مَنْ حَاسَ الْحَيْسَ , فَأَلْقَوْهُ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا غَضِبَ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْوَادِي كَانَ مِنْ عُقُوبَتِهِ إِيَّاهُمْ أَنْ جَعَلَ مَاءَهُمْ مَا يَضُرُّهُمْ , وَيُضَرُّ أَمْثَالَهُمْ مِنَ الْمُتَعَبِّدِينَ عُقُوبَةً لَهُمْ عَلَى الْأَشْيَاءِ الَّتِي غُضِبَ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْوَادِي مِنْ أَجْلِهَا , وَخَوْفًا عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عُقُوبَةً لَهُمْ عَلَى ذُنُوبِهِمُ الَّتِي قَدْ سَلَفَتْ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ جَمِيعًا ذَوُو ذُنُوبٍ , وَإِنْ كَانَتْ ذُنُوبُهُمْ مُخْتَلِفَةً , وَالْعُقُوبَاتُ عَلَيْهَا مُخْتَلِفَةً , فَأَمَرَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا عَجَنُوهُ بِذَلِكَ الْمَاءِ أَنْ لَا يَأْكُلُوهُ , وَأَبَاحَهُمْ أَنْ يُطْعِمُوهُ إِبِلَهُمُ الَّتِي لَا تَعَبُّدَ عَلَيْهَا , وَلَا ذُنُوبَ لَهَا , ⦗٣٧٠⦘ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا سُرْعَتَهُ فِي ذَلِكَ الْوَادِي حَتَّى جَاوَزَهُ , فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - لِيَقْتَدُوا بِهِ فَيُسْرِعُوا لِسُرْعَتِهِ حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي خَوْفًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤْاخَذُوا بِذُنُوبِهِمْ هُنَاكَ , كَمَا أُخِذَ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْوَادِي بِذُنُوبِهِمْ هُنَاكَ. ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ وَصْفِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الْوَادِيَ بِاللَّعْنِ , فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - عَلَى إِرَادَتِهِ بِذَلِكَ أَهْلَ الْوَادِي الَّذِينَ كَانَ مِنْهُمْ مَا غَضِبَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِهِ , فَلَعَنَهُمْ لِذَلِكَ. وَذُكِرَ الْوَادِي بِتِلْكَ اللَّعْنَةِ , وَالْمُرَادُ أَهْلَهُ دُونَهُ , كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: ١١٢] لِأَنَّ الْقَرْيَةَ مَا كَانَتْ تَصْنَعُ شَيْئًا , وَإِنَّمَا أَهْلُهَا هُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَصْنَعُونَ مَا أُهْلِكُوا بِهِ , ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا دَلَّ عَلَى مُرَادِهِ إِيَّاهُمْ بِذَلِكَ لَا قَرْيَتَهُمْ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ} [النحل: ١١٣] , يَعْنِي بِذَلِكَ رَسُولَهُ إِلَيْهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ حِكَايَةً عَنْ قَائِلِيهِ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} [يوسف: ٨٢] , يُرِيدُ أَهْلَ الْقَرْيَةِ وَأَهْلَ الْعِيرِ , فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ الْوَادِي: " هَذَا وَادٍ مَلْعُونٌ " , هُوَ عَلَى أَهْلِهِ , لَا عَلَى الْوَادِي نَفْسِهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ , وَإِيَّاهُ نَسْأَلَهُ التَّوْفِيقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute