للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٩٥٢ - وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَقُرَيْشٌ قُعُودٌ، وَسَلَى جَزُورٍ قَرِيبٌ مِنْهُ، فَلَمَّا سَجَدَ، قَالُوا: مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّلَى، فَيُلْقِيَهُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَكَأَنَّهُمْ هَابُوهُ، فَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ: أَنَا، فَقَامَ، فَأَلْقَاهُ عَلَى ظَهْرِهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَلَمْ يَزَلْ سَاجِدًا حَتَّى جَاءَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ وَهِيَ جَارِيَةٌ فَأَلْقَتْهُ عَنْ ظَهْرِهِ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلَى قُرَيْشٍ غَيْرَ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: " اللهُمَّ عَلَيْكَ الْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ، اللهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، اللهُمَّ عَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، اللهُمَّ عَلَيْكَ بِشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، اللهُمَّ عَلَيْكَ بعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، اللهُمَّ عَلَيْكَ بِأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ " قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ قَلَبُوا يَوْمَ بَدْرٍ جَمِيعًا، ثُمَّ ⦗١٠٧⦘ سُحِبُوا حَتَّى أُلْقُوا فِي الْقَلِيبِ غَيْرَ أَبِي جَهْلٍ أَوْ أُمَيَّةَ، فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلًا بَدِينًا فَتَقَطَّعَ "

٣٩٥٣ - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالُوا: فَكَانَ فِي حَدِيثَيْ زَكَرِيَّا وَشُعْبَةَ أَنَّ الَّذِيَ جَعَلَهُ ذَلِكَ الشَّقِيُّ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي كَانَ سَلَى نَاقَةٍ مَنْحُورَةٍ، وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مَا حَامِلٌ بِهِ مِمَّا لَا دَمَ فِيهِ وَلَا فَرْثَ، وَمِمَّا هُوَ كَسَائِرِ لَحْمِهَا، وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنَ كَانَ فِي كُمِّهِ لَحْمُ نَاقَةٍ مُذَكَّاةٍ لَا دَمَ وَلَا رَوْثَ فِيهِ، فَصَلَّى وَهُوَ حَامِلُهُ كَذَلِكَ أَنَّ صَلَاتَهُ جَائِزَةٌ وَإِذَا كَانَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا ذَكَرْنَا أَنْ يُحْمَلَ مَا رَوَاهُ اثْنَانِ عَلَيْهِ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِمَّا رَوَاهُ وَاحِدٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ رُوَاتُهُ ⦗١٠٨⦘ جَمِيعًا عُدُولًا أَئِمَّةً حُفَّاظًا أَثْبَاتًا، وَإِنْ جُعِلَتِ الرِّوَايَتَانِ مُتَكَافِئَتَانِ، لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَوْلَى مِنَ الْأُخْرَى، وَكَانَتَا لَمَّا تَضَادَّتَا ارْتَفَعَتَا، وَصَارَ مَا فِيهِ هَذَا الِاخْتِلَافُ مِنَ الْأَرْوَاثِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمَأْكُولَةِ لُحُومُهَا كَمَا لَا حَدِيثَ فِيهِ وَأَمَّا مَا رُوِيَ فِيهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْمِقْدَارِ مَا يُفْسِدُ بِهِ الصَّلَاةَ إِذْ كَانَ قَلِيلُ الدَّمِ فِي ذَلِكَ خِلَافَ كَثِيرِهِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ يَقُولُ بِالْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْمَقَالَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى طَلَبِ الْأُولَى مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ بِالنَّظَرِ الصَّحِيحِ الْمَرْجُوعِ إِلَى مِثْلِهِ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ حُكْمِ الْأَشْيَاءِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، فَوَجَدْنَا الْأَصْلَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ أَنَّ دِمَاءَ الْأَنْعَامِ الْمَأْكُولَةِ لُحُومُهَا نَجِسَةٌ، وَأَنَّ وُقُوعَهَا فِي الْمِيَاهِ يُفْسِدُهَا، وَإِنْ أَصَابَتْهَا الثِّيَابُ نَجَّسَتْهَا، كَدِمَاءِ بَنِي آدَمَ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَكْلِ لُحُومِ مَا هِيَ رَاجِعَةٌ إِلَى حُكْمِ لُحُومِهَا، وَجُعِلَتْ رَاجِعَةً إِلَى حُكْمِ دِمَائِهَا، فَكَانَ النَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ أَرْوَاثُهَا لَا تَجِبُ طَهَارَتُهَا بِطَهَارَةِ لُحُومِهَا، وَأَنْ يَكُونَ أَرْوَاثُهَا كَدِمَائِهَا، وَكَغَائِطِ بَنِي آدَمَ وَدِمَائِهِمْ فِي نَجَاسَتِهَا، فَهَذَا النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ النَّاقَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي ذَكَرْتُ إِنَّمَا نَحَرَهَا الْوَثَنِيُّونَ الَّذِينَ لَا تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ، وَلَا يَكُونُ مَعَهُ ذَكَاةٌ، فَسَلَاهَا كَسَلَى نَاقَةٍ مَيْتَةٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لِمَنْ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ، أَوْ فِي بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ، أَوْ وَهُوَ حَامِلٌ ⦗١٠٩⦘ نَجَاسَةً مِنْ مَيْتَةٍ، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَنَّ صَلَاتَهُ جَائِزَةٌ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ: أَنَّ تِلْكَ النَّاقَةَ قَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ كَانَ ذَلِكَ النَّحْرُ لَهَا فِي وَقْتٍ قَدْ كَانَتْ ذَبَائِحُ أَهْلِ الْأَوْثَانِ كَذَبَائِحِ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، كَمَا كَانَ نِكَاحُ نِسَائِهِمْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ كَذَلِكَ، ثُمَّ حَرَّمَ اللهُ بَعْدَ ذَلِكَ نِكَاحَ نِسَائِهِمْ وَأَكْلَ ذَبَائِحِهُمْ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥] فَكَانَ فِي ذَلِكَ تَحْرِيمُ مَا قَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ غَيْرَ حَرَامٍ، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ التَّحْرِيمُ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي النِّسَاءِ وَفِي الذَّبَائِحِ، فَعَادَ الْأَمْرُ فِيهِمَا إِلَى مَا هُوَ جَارٍ عَلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>