وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " جَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ، ثُمَّ يُؤْتَوْنَ بِمِلْءِ كَفٍّ مِنَ الشَّعِيرِ، فَيُصْنَعُ لَهُمْ بِإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، فَيُوضَعُ بَيْنَ يَدَيِ الْقَوْمِ، وَالْقَوْمُ جِيَاعٌ وَهِيَ بَشِعَةٌ فِي الْحَلْقِ، وَلَهَا رِيحٌ مُنْكَرٌ " فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِيَ فِي ⦗١٩٧⦘ هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ فِي لَحْمِ الْمُذَكَّى الَّذِي قَدْ عَادَ بِالنَّتِنِ الَّذِي حَدَثَ فِيهِ حَتَّى أَعَادَهُ إِلَى الْجِيَفِ مِنَ الْمَيْتَاتِ، وَأَعَادَهُ بِهَا إِلَى الْخَبَائِثِ الَّتِي حَرَّمَهَا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي صِفَةِ نَبِيِّهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] ، وَهَذَا مِنَ الْخَبَائِثِ وَأَمَّا الْإِهَالَةُ، فَلَيْسَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي حَلَّتْ فِي بَدَنِهَا بِالذَّكَاةِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ كَالسَّمْنِ وَاللَّبَنِ وَكَمَا أَشْبَهَهُمَا، وَكَانَ حُدُوثُ السَّنَخِ فِيهِ إِنَّمَا هُوَ تَغَيُّرُ طَعْمِهِ لَا فَسَادُهُ فِي نَفْسِهِ كَفَسَادِ اللَّحْمِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا حُدُوثِ ذَلِكَ فِيهِ كَحُدُوثِ السَّنَخِ فِي الْأَدْهَانِ الَّتِي يَدَّهِنُ النَّاسُ بِهَا، وَفِي الزَّيْتِ الَّذِي يَأْتَدِمُونَ بِهِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يُحَرِّمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا عَلَيْهِمْ، كَمَا لَا يَحْرُمُ حُدُوثُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ الَّذِي يَشْرَبُونَهُ، وَيَتَطَهَّرُونَ بِهِ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَارِضٌ فِيهِ لَا انْقِلَابَ لَهُ إِلَى نَوْعٍ آخَرَ، كَانْقِلَابِ اللَّحْمِ إِلَى الْفَسَادِ الَّذِي يَنْقَلِبُ إِلَيْهِ، فَيَصِيرُ بِهِ كَالْأَشْيَاءِ الْمَذْمُومَةِ مِنَ الْجِيَفِ وَمِمَّا سِوَاهَا وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute