للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤١٤٥ - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَالَ أَبُو الْيَسَرِ أَوْ غَيْرُهُ: هُوَ إِلَيَّ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَجَاءَهُ مِنَ الْغَدِ فَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا ذَلِكَ كَانَ أَمْسِ، ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ بَعْدِ الْغَدِ، فَأَعْطَاهُ، فَقَالَ: " الْآنَ بَرَّدَتْ عَلَيْهِ جِلْدَهُ " ⦗٣٣٥⦘ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إِلْزَامِ الْكَفِيلِ الدَّيْنَ الَّذِي كَفَلَ بِهِ عَمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَوُجُوبِ أَخْذِ الْمَكْفُولِ لَهُ بِهِ الْكَفِيلَ، وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَفَالَةَ بِهِ لَمْ تُبَرِّئِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ مِنْهُ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ جِلْدَ الْمَيِّتِ إِنَّمَا بَرَدَ بِأَدَاءِ كَفِيلِهِ الدَّيْنَ الَّذِي كَفَلَ بِهِ عَنْهُ لَا بِكَفَالَةِ رَبِّهِ عَنْهُ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ بِالدَّيْنِ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ الْكَفِيلَ، وَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ الْكَفِيلَ، كَانَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ إِذَا كَانَ مَقْدُورًا عَلَى مُطَالَبَتِهِ أَحْرَى أَنْ تَكُونَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ ⦗٣٣٦⦘ يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فِي الْمَالِ الْمَكْفُولِ بِهِ أَنَّ لِلْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَمِنَ الْكَفِيلِ بِهِ، وَبِخِلَافِ مَا كَانَ مَالِكٌ قَالَهُ: إِنَّهُ لَا يُطَالِبُ الْكَفِيلَ إِلَّا وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُطَالَبَةِ الْمَكْفُولِ بِهِ بِمَا كَفَلَ لَهُ بِهِ ذَلِكَ الْكَفِيلُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْزَمَ الْكَفِيلَ مَا كَفَلَ بِهِ بِكَفَالَتِهِ بِهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا كَانَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا بِقَدْرِ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ أَنْ يَأْخُذَ دَيْنَهُ مِنْهُ قِيلَ لَهُ: فَهَلْ كَانَ فِي الْكَفَالَةِ اشْتِرَاطُ شَيْءٍ مِنْ هَذَا، إِنَّمَا كَانَ فِيهَا الْكَفَالَةُ بِالدَّيْنِ مُطْلَقَةً، وَإِذَا كَانَتِ الْكَفَالَةُ تَلْزَمُ الْكَفِيلَ مَا كَفَلَ بِهِ، وَجَبَ أَنْ يُؤْخَذَ بِمَا قَدْ لَزِمَهُ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَقُولُ بِالْقَوْلِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ إِلَى قَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>