كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ الْمَدِينِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " افْتَخَرَ الْحَيَّانِ: الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، فَقَالَتِ الْأُولَى: مِنَّا غِسِّيلُ الْمَلَائِكَةِ حَنْظَلَةُ بْنُ الرَّاهِبِ، وَمِنَّا مَنِ اهْتَزَّ لَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنَّا مَنْ حَمَتْهُ الدَّبْرُ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْأَقْلَحِ، وَمِنَّا مَنْ أُجِيزَتْ شَهَادَتُهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، وَقَالَ الْخَزْرَجِيُّونَ: مِنَّا أَرْبَعَةٌ جَمَعُوا الْقُرْآنَ وَلَمْ يَجْمَعْهُ أَحَدٌ غَيْرَهُمْ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْعَرْشَانِ جَمِيعًا الْمَذْكُورَانِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَفِي حَدِيثَيِ ابْنِ عُمَرَ وَأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ قَدْ كَانَ ذَلِكَ ⦗٣٧٥⦘ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَاللهُ أَعْلَمُ غَيْرَ أَنَّا نُصَدِّقُ بِمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ وَنُؤْمِنُ بِهِ، وَقَدْ كَانَ أَهْلُ اللُّغَةِ يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ الِاهْتِزَازَ هُوَ الِارْتِيَاحُ وَالسُّرُورُ، كَمَا يُقَالَ: فُلَانٌ إِذَا سُئِلَ اهْتَزَّ، أَيِ: اسْتَشْرَفَ لِذَلِكَ وَسُرَّ بِهِ، فَيَكُونُ اللهُ تَعَالَى أَلْهَمَ الْعَرْشَيْنِ مَوْضِعَ سَعْدٍ مِنْهُ، فَكَانَ مِنْهُمَا مَا كَانَ مِمَّا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ الِاهْتِزَازَ الْمُضَافَ إِلَى الْعَرْشِ إِنَّمَا كَانَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَهُ وَيَحُفُّونَ بِهِ، وَأُضِيفَ ذَلِكَ إِلَى الْعَرْشِ، وَإِنْ كَانُوا هُمُ الْمُرَادِينَ بِهِ، وَيَجْعَلُونَ ذَلِكَ كَمِثْلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: ٢٩] ، يَعْنِي: مَا بَكَى عَلَيْهِمْ أَهْلُ السَّمَاءِ وَلَا أَهْلُ الْأَرْضِ، وَكَمَا قَالَ فِيمَا حُكِيَ لَنَا عَمَّنْ حَكَى مِنْ عِبَادِهِ، قَوْلُهُ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} [يوسف: ٨٢]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute