للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤١٩٦ - وَحَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّاسَ بْنَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، يُخْبِرُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى خَشَبَةٍ ذَاتِ فُرْضَتَيْنِ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ، قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ كُنْتَ جَعَلْتَ مِنْبَرًا تُشْرِفُ لِلنَّاسِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ كَثُرُوا، قَالَ: " مَا أُبَالِي " وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ نَجَّارٌ يُقَالُ لَهُ: مَيْمُونٌ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى النَّجَّارِ، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا الْخَانِقَيْنِ، فَقَطَعْنَا مِنْهُ نَخْلًا، فَعَمِلَهُ، فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ قَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَكَلَّمَ، وَفَقَدَتْهُ الْخَشَبَةُ، فَخَارَتْ كَمَا يَخُورُ الثَّوْرُ لَهُ أَنِينٌ، قَالَ: فَجَعَلَ الْعَبَّاسُ يَمُدُّ يَدَيْهِ لِيُخْفِيَ حَنِينَ الْخَشَبَةِ، حَتَّى تَفَزَّعَ النَّاسُ، وَكَثُرَ الْبُكَاءُ مِمَّا رَأَوْا بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سُبْحَانَ اللهِ، أَلَا تَرَوْنَ هَذِهِ الْخَشَبَةَ، انْزِعُوهَا وَاجْعَلُوهَا تَحْتَ الْمِنْبَرِ فِي الْأَرْضِ " فَنَزَعُوهَا، فَدَفَنُوهَا تَحْتَ الْمِنْبَرِ " ⦗٣٨٩⦘ فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ مَا ذُكِرَ فِيهَا مِمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِلَيْهِ ⦗٣٩٠⦘ حِينَ تَنَحَّى عَنْهُ إِلَى الْمِنْبَرِ مِنَ الْحَنِينِ إِلَيْهِ، وَمِمَّا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ لِمَا أَحْدَثَهُ اللهُ فِيهِ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاسَ مِنْهُ مَا أَسْمَعَهُمْ مِنْهُ مِمَّا يَكُونُ مِنْ ذَوِي الْأَرْوَاحِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَمِمَّا سِوَاهُمْ، وَفِي هَذِهِ الْآثَارِ فِي الْجِذْعِ مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْهُ مِنْ دَفْنِهِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْ أَخْذِ أُبَيٍّ إِيَّاهُ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى صَارَ رُفَاتًا، وَمِنْ ذِكْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ، وَأَنَّهُ تَحْتَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَخْذُ أُبَيٍّ إِيَّاهُ بَعْدَمَا دُفِنَ، لِيَكُونَ عِنْدَهُ عَلَى حَالٍ أَصْوَنَ لَهُ مِنَ الدَّفْنِ، فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ لِهَذَا الْمَعْنَى، فَلَمْ يَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى بَلِيَ، وَصَارَ رُفَاتًا، وَاللهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ مَا كَانَ فِي ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ فِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَحْدَثَ فِي ذَلِكَ الْجِذْعِ مَا أَحْدَثَهُ فِيهِ مِمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْهُ مِمَّا لَمْ يَكُنْ مَوْهُومًا مِنْ مِثْلِهِ حَتَّى أَحْدَثَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ، وَجَعَلَهُ عَلَمًا مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَضِيلَتِهِ، لِيَكُونَ ذَلِكَ تَنْبِيهًا لِلنَّاسِ عَلَى مَعْرِفَةِ مَوْضِعِهِ مِنْهُ جَلَّ وَعَزَّ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مِنْهُ فِي حِرَاءَ لَمَّا تَحَرَّكَ وَهُوَ عَلَيْهِ، وَمَنْ سِوَاهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَمِنْ قَوْلِهِ لَهُ لَمَّا رَجَفَ بِهِمْ: " اسْكُنْ حِرَاءُ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ "، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ الْبَابَ وَمِمَّا رُوِيَ فِيهِ بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ فِي سَرِيرِ سَعْدٍ مِنِ اهْتِزَازِهِ عَلَى مَا رَوَاهُ مَنْ رَوَاهُ فِيهِ كَذَلِكَ هُوَ لِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى وَاللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>