كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: قَالَ زُفَرُ فِي رَجُلٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ إِلَى سَنَةٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ أَوْ ضَمَانٍ، فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى خَمْسِ مِئَةٍ نَقْدًا: " إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ " وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ قَدْ أَجَازَ ذَلِكَ مَرَّةً، كَمَا ذَكَرَهُ لَنَا الْمُزَنِيُّ عَنْهُ، قَالَ: وَلَوْ عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ لِمَوْلَاهُ بَعْضَ الْكِتَابَةِ عَلَى أَنْ يُبَرِّئَهُ مِنَ الْبَاقِي لَمْ يَجُزْ، وَرُدَّ عَلَيْهِ مَا أَخَذَ، وَلَمْ يُعْتَقْ؛ لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِمَّا لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ، قَالَ الْمُزَنِيُّ: قَدْ قَالَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: ضَعْ وَتَعَجَّلْ لَا يَجُوزُ، ⦗٦٥⦘ وَأَجَازَهُ فِي الدَّيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَمَّا إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْوَضْعُ وَالتَّعْجِيلُ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَشْرُوطًا فِي صَاحِبِهِ، وَلَكِنَّهُ عَلَى وَضْعٍ مَرْجُوٍّ بِهِ التَّعْجِيلُ لِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ، فَذَلِكَ بِخِلَافِ الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْمَعْقُولِ، إِبْطَالُهُ بِالْحُكْمِ، وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ غَيْرُ مَحْكُومٍ بِإِبْطَالِهِ، كَمَا يُكْرَهُ الْقَرْضُ الَّذِي يَجُرُّ مَنْفَعَةً، وَلَا يُحْكَمُ بِإِبْطَالِهِ لِذَلِكَ، فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ بِإِيقَاعِ الصُّلْحِ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ فِي الْوَضْعِ، وَفِي الْوَضْعِ الْمَرْجُوِّ بِهِ تَعْجِيلُ بَقِيَّةِ الدَّيْنِ بِغَيْرِ اشْتِرَاطٍ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَضْعِ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute