للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٣٥٥ - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عِيَاضَ بْنَ حِمَارٍ، وَكَانَ حِرْمِيَّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَتَاهُ بِنَاقَةٍ، فَلَمَّا رَآهَا، قَالَ: " يَا عِيَاضُ مَا هَذِهِ؟ " قَالَ: أَهْدَيْتُهَا لَكَ، قَالَ: " قُدْهَا " فَقَادَهَا، فَقَالَ: " رُدَّهَا " فَرَدَّهَا، قَالَ: " يَا عِيَاضُ هَلْ أَسْلَمْتَ بَعْدُ؟ " قَالَ: لَا، فَلَمْ يَقْبَلْهَا، وَقَالَ: " إِنَّ اللهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَيْنَا زَبْدَ الْمُشْرِكِينَ ". قَالَ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْهَدِيَّةَ الزَّبْدَ. ⦗١٤٤⦘ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْحِرْمِيُّ: يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ، وَيَكُونُ الصَّدِيقَ، يُقَالُ لَهُ: حِرْمِيٌّ. قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَدَايَا الْمُشْرِكِينَ مَا قَالَهُ فِيهَا، وَإِعْلَامُهُ عِيَاضًا أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ نَهَاهُ عَنْ قَبُولِهَا، وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَيْتُمُوهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ قَبُولِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَبِلَهُ مِنْهَا. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اللهُ تَعَالَى نَهَاهُ عَنْ قَبُولِ زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ فِي حَالٍ، وَإِبَاحَةِ ذَلِكَ فِي حَالٍ أُخْرَى، وَكَانَ مَنْعُهُ إِيَّاهُ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ إِنْزَالِهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ: {وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ} [الحشر: ٦] الْآيَةَ الَّتِي تَلَوْنَا فِي هَذَا الْبَابِ، ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ، فَجَعَلَ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا صَارَ بِغَيْرِ إِيجَافٍ مِنْهُ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَكَانَ مَا صَارَ إِلَيْهِ مِنْ هَدَايَاهُمْ، كَمَا قُدِّرَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ سِوَى ذَلِكَ بِغَيْرِ إِيجَافٍ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَقَبِلَهَا لِذَلِكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>