٤٣٥٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارِ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " اذْهَبُوا بِنَا إِلَى بَنِي وَاقِفٍ نَعُودُ ذَلِكَ الْبَصِيرَ " وَكَانَ مَحْجُوبَ الْبَصَرِ ⦗١٤٦⦘ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الرَّجُلَ الْبَصِيرَ وَهُوَ مَحْجُوبُ الْبَصَرِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ هُوَ مِثْلَهُ فِي كِتَابِهِ بِالْعَمَى، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} [الفتح: ١٧] وَقَوْلُهُ: {عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} [عبس: ٢] وَقَوْلُهُ: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ} [النمل: ٨١] وَقَوْلُهُ: {أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ} [يونس: ٤٣] . فَوَجَدْنَا اللهَ تَعَالَى قَدْ ذَكَرَ مَنْ بِهِ الْعَمَى بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَقَالَ: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: ٤٦] فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَى قَدْ يُقَالُ لَهُ: بَصِيرٌ لِبَصَرِهِ بِقَلْبِهِ مَا يُبْصِرُهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُوبَ الْبَصَرِ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يُوصَفَ بِالْعَمَى الَّذِي يُبْصِرُ، وَجَائِزٌ أَنْ يُوصَفَ بِالْبَصَرِ الَّذِي فِي قَلْبِهِ، فَذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الرَّجُلَ بِأَحْسَنِ أَمْرَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَذْكُرَهُ بِالْآخَرِ مِنْهُمَا، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute