٤٣٦٨ - وَحَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْ بَرِيرَةُ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَقَالَتْ: إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ، وَيَكُونُ وَلَاؤُكِ لِي، فَعَلْتُ، فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ ذَلِكَ فَأَبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهَا، فَأَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي الْوَلَاءَ لَهُمْ، فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ " فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ ⦗١٦١⦘ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَضْعُ شَيْءٍ مِنْ كِتَابَتِهِ عَنْهُ، وَأَنَّ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣] عَلَى الْحَثِّ وَالْحَضِّ عَلَى الْخَيْرِ مِنْ مَعُونَةِ الْمُكَاتَبِينَ مِمَّنْ كَاتَبَهُمْ وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَتَّى يُعْتِقُوا بِخُرُوجِهِمْ مِنْ مُكَاتَبَاتِهِمْ، كَمَا قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مَنْ قَالَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَخِلَافُ مَا قَالَهُ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ، وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣] عَلَى الْوُجُوبِ وَالْحَتْمِ، لَا عَلَى النَّدْبِ وَالْحَضِّ، وَعَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمُكَاتَبَةِ الَّتِي يُكَاتِبُونَهُمْ عَلَيْهَا. وَفِي الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ رَوَيْنَا وُقُوفُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ بَرِيرَةَ لَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، وَعَلَى قَوْلِ عَائِشَةَ لَهَا: ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أُعْطِيَهُمْ ذَلِكَ جَمِيعًا، أَوْ أَعُدَّهَا لَهُمْ جَمِيعًا، وَيَكُونُ وَلَاؤُكِ لِي، فَعَلْتُ، وَتَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْكَارَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الْمُكَاتَبَةِ كُلِّهَا لِلْمُكَاتِبِينَ عَلَى الْمُكَاتَبِينَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَضْعُ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ مِنْهَا لِمَنْ يُكَاتِبُوهُ، لَقَالَ لِعَائِشَةَ: وَلِمَ تَدْفَعِينَ إِلَيْهِمْ عَنْهَا مَا لَا يَجِبُ لَهُمْ عَلَيْهَا، وَمَا قَدْ أَوْجَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهَا عَلَيْهِمْ إِسْقَاطُهُ عَنْهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا كَانَ مِنْهُ فِي جُوَيْرِيَةَ ابْنَةِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute