للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٤٤٢ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ أَرْعَى غَنَمًا لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي: " يَا غُلَامُ، هَلْ مِنْ لَبَنٍ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي مُؤْتَمَنٌ، فَقَالَ: " هَلْ مِنْ شَاةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الْفَحْلُ؟ " فَأَتَيْتُهُ بِشَاةٍ فَمَسَحَ ضَرْعَهَا، فَنَزَلَ لَبَنٌ، فَحَلَبْتُهُ فِي إِنَاءٍ، فَشَرِبَ وَسَقَى أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ لِلضَّرْعِ: " اقْلِصْ " فَقَلَصَ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدَ هَذَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، فَمَسَحَ رَأْسِي، ثُمَّ قَالَ: " يَرْحَمُكَ اللهُ، إِنَّكَ غُلَامٌ مُعَلَّمٌ " قَالَ: فَأَخَذْتُ مِنْهُ سَبْعِينَ سُورَةً مَا نَازَعَنِيهَا بَشَرٌ ⦗٢٧٨⦘

٤٤٤٣ - وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو ⦗٢٧٩⦘ بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي عَاصِمُ ابْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، ثُمَّ ذَكَرَا مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا فِي حَدِيثَيْهِمَا: فَأَخَذْتُ عَنْهُ سَبْعِينَ سُورَةً مَا نَازَعَنِيهَا بَشَرٌ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَقَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ تَقْبَلُونَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَأَلَ مَنْ لَيْسَ بِمَالِكٍ لِتِلْكَ الْغَنَمِ الَّتِي كَانَ يَرْعَاهَا: " أَمَعَكَ مِنْ لَبَنٍ؟ " أَيْ: لِيَسْقِيَهُمَا مِنْهُ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ تِلْكَ الْغَنَمَ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْغَنَمَ كَانَتْ عِنْدَهُ لِابْنِ مَسْعُودٍ بِظَاهِرِ أَمْرِهَا وَبِيَدِهِ عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ مَا قَالَ مِمَّا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَكَانَ قَوْلُهُ ذَلِكَ لَهُ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ ابْتِيَاعَ لَبَنٍ إِنْ كَانَ مَعَهُ، لَا مَا سِوَى ذَلِكَ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ لَهُ: إِنِّي مُؤْتَمَنٌ، وَتَثْبِيتُهُ الْأَمَانَةَ لِنَفْسِهِ عَلَى مَا يَرْعَاهُ، فَذَلِكَ الَّذِي وَقَفَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ لَهَا، وَكَانَ مَنْ كَانَ يَرْعَى غَنَمًا لِغَيْرِهِ بِاسْتِئْجَارٍ مِنْهُ إِيَّاهُ عَلَى رَعَيَّتِهَا لَا يَرْعَى مَعَهَا غَنَمًا لِغَيْرِهِ أَجِيرًا خَاصًّا، وَالْأَجِيرُ الْخَاصُّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا مُؤْتَمَنٌ عَلَى مَا اسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ، فَيَجْعَلُهُ بَعْضُهُمْ كَذَلِكَ، وَيَجْعَلُهُ بَعْضُهُمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَمَا مَعْنَى سُؤَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: شَاةٌ لَمْ يُصِبْهَا فَحْلٌ ⦗٢٨٠⦘ مِنْ غَنَمٍ، قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا لِغَيْرِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُرِيَهُ آيَةً مُعَجِّزَةً تَقُومُ بِهَا الْحُجَّةُ لَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ فِي وُجُوبِ تَصْدِيقِهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ، وَكَانَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ فِي الشَّاةِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِصَاحِبِهَا مِنْ تَلْيِينِ ضَرْعِهَا، وَكَانَ اللَّبَنُ الَّذِي أَحْدَثَهُ اللهُ تَعَالَى فِي ضَرْعِهَا لَيْسَ هُوَ مِنْ ثَدْيِهَا، إِنَّمَا هُوَ لَبَنٌ جَعَلَهُ اللهُ تَعَالَى فِي ضَرْعِهَا لِمَا جَعَلَهُ لَهُ مِنْ غَيْرِ مِلْكٍ، وَوَقَعَ عَلَيْهِ لِمَالِكِ تِلْكَ الشَّاةِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: فَتَعَلَّمْتُ مِنْهُ سَبْعِينَ سُورَةً مَا نَازَعَنِيهَا بَشَرٌ، فَذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، عَلَى أَنَّهُ مَا شَارَكَهُ فِيهَا بَشَرٌ، لِأَنَّ الْمُنَازَعَةَ قَدْ تَكُونُ عَلَى الْمُشَارَكَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ نَاسًا قَرَءُوا خَلْفَهُ فِي الصَّلَاةِ: " مَا لِي أُنَازَعُ فِي الْقُرْآنِ؟ " أَيْ: أُشَارَكُ فِي الْقُرْآنِ الَّذِي أَقْرَأُهُ فِي صَلَاتِي، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا. فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَكَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ بِأَخْذِ الْقُرْآنِ عَمَّنْ أَمَرَ أَنْ يُؤْخَذَ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَتَقْدِيمَهُ فِيهِمْ بِابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ أَمَرَ بِأَخْذِهِ عَنْهُ؟ . وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ ⦗٢٨١⦘ بِأَسَانِيدِهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِيمَا هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ تِلْكَ السَّبْعِينَ سُورَةً الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَكُنْ شَرَكَهُ فِي أَخْذِهِ إِيَّاهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَرٌ، وَشَرَكَهُ فِي أَخْذِ بَقِيَّةِ الْقُرْآنِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَرَكَهُ فِيهِ مِمِّنْ أَخَذَهُ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ جَمِيعُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا أَشْكَلَ عَلَى هَذَا السَّائِلِ مِنْ ذَلِكَ، وَمِمَّا سِوَاهُ مِمَّا هُوَ مَذْكُورٌ فِيهِ مَشْرُوحًا، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>