وَمِنْ ذَلِكَ: مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَزَرِيُّ الْمَيَافَارِقِينِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو الْحُسَيْنِ الرَّهَاوِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ رَجُلٌ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ، فَوَاللهِ لَقَدْ بِتُّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَمَا فِي نَفْسِي عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ حَنَّةٌ، وَإِنِّي كُنْتُ اسْتَطْرَقْتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ لِفَرَسِي، فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِغَلَسٍ، وَإِنِّي أَتَيْتُهُ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي حَنِيفَةَ مَسْجِدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ النَّوَّاحَةِ، سَمِعْتُ مُؤَذِّنَهُمْ وَهُوَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللهِ، فَاتَّهَمْتُ سَمْعِي، وَكَفَفْتُ الْفَرَسَ حَتَّى سَمِعْتُ أَهْلَ الْمَسْجِدِ اتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ " فَمَا كَذَّبَهُ عَبْدُ اللهِ، وَقَالَ: مَنْ هَاهُنَا؟ فَقَامَ رِجَالٌ، فَقَالَ: " عَلَيَّ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ النَّوَّاحَةِ وَأَصْحَابِهِ، قَالَ حَارِثَةُ: فَجِيءَ بِهِمْ وَأَنَا جَالِسٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ لِابْنِ النَّوَّاحَةِ: " وَيْلَكَ، أَيْنَ مَا كُنْتَ تَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ؟ " قَالَ: كُنْتُ أَتَّقِيكُمْ بِهِ، قَالَ لَهُ: " تُبْ "، فَأَبَى فَأَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللهِ قَرَظَةَ بْنَ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيَّ، فَأَخْرَجَهُ إِلَى السُّوقِ فَجَلَدَ رَأْسَهُ، قَالَ حَارِثَةُ: فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ يَقُولُ: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ النَّوَّاحَةِ قَتِيلًا بِالسُّوقِ، فَلْيَخْرُجْ، فَلْيَنْظُرْ إِلَيْهِ "، قَالَ حَارِثَةُ: فَكُنْتُ فِيمَنْ خَرَجَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللهِ اسْتَشَارَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَقِيَّةِ ⦗٣١٣⦘ النَّفَرِ فَقَامَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ، فَثُؤْلُولٌ مِنَ الْكُفْرِ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَاحْسِمْهُ، فَلَا يَكُونُ بَعْدَهُ شَيْءٌ "، وَقَامَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَا: بَلِ اسْتَتِبْهُمْ، وَكَفِّلْهُمْ عَشَائِرَهُمْ، فَاسْتَتَابَهُمْ فَتَابُوا، وَكَفَّلَهُمْ عَشَائِرَهُمْ، وَنَفَاهُمْ إِلَى الشَّامِ فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ اسْتِعْمَالُ عَبْدِ اللهِ الْكَفَالَةَ بِالْأَنْفُسِ بِمَشُورَةِ مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِهَا، وَبِحُضُورِ مَنْ حَضَرَهَا، فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ فِيهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مُتَابَعَتِهِمْ إِيَّاهُ عَلَيْهِ، وَمَا جَاءَ هَذَا الْمَجِيءَ كَانَ بِالْقُوَّةِ أَوْلَى، وَبِنَفْيِ الضَّعْفِ عَنْهُ أَحْرَى، وَاللهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute