وَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ⦗٣٦٣⦘ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَظَرْنَا عَمْرَو بْنَ شُرَحْبِيلَ، وَكَانَ إِمَامَهُمْ، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أُوتِرُ، ثُمَّ قَالَ: سُئِلَ عَبْدُ اللهِ: هَلْ بَعْدَ الْأَذَانِ وِتْرٌ؟ قَالَ: " نَعَمْ، وَبَعْدَ الْإِقَامَةِ " فَفِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَ الْوِتْرَ كَانَ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ جَائِزٌ بَعْدَ الْإِقَامَةِ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُطْلَقٌ فِي الزَّمَانِ كُلِّهِ. ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الْفُتْيَا فِي الْأَمْصَارِ، فَوَجَدْنَاهُمْ عَلَى قَوْلَيْنِ: مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ يَقْضِيهِ فِي سَائِرِ الدَّهْرِ كَمَا يَقْضِي مَا سِوَاهُ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةِ، وَمِنَ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَقَائِلِينَ مِنْهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ يُصَلِّيهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَلَا يُصَلِّيهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَمِنَ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ هَذَا الِاخْتِلَافَ نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَوَجَدْنَا الصَّلَوَاتِ الَّتِي تُقْضَى إِذَا فَاتَتْ عَلَى ضَرْبَيْنِ: فَضَرْبٌ مِنْهَا الدَّهْرُ لَهُ وَقْتٌ، وَهُوَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ تُصَلَّى فِي أَوْقَاتِهَا، وَتُقْضَى بَعْدَ أَوْقَاتِهَا فِي سَائِرِ الدَّهْرِ غَيْرِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي لَا يُصَلَّى أَمْثَالُهَا فِيهِ، وَضَرْبٌ مِنْهَا صَلَاةُ الْجُمُعَةِ تُصَلَّى فِي وَقْتٍ خَاصٍّ مِنْ يَوْمِهَا، وَمَنْ فَاتَتْهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ يَوْمِهَا لَمْ يُصَلِّهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهَا وَلَا فِيمَا بَعْدَهُ مِنَ الزَّمَانِ، وَكَانَ الْوِتْرُ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: أَنْ يَكُونَ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يُقْضَى فِي سَائِرِ الدَّهْرِ كَمَا تُقْضَى، أَوْ يَكُونُ ⦗٣٦٤⦘ كَالْجُمُعَةِ لَا تُصَلَّى إِلَّا فِي الْوَقْتِ الَّذِي جُعِلَ وَقْتًا لَهَا لَا تُصَلَّى فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ قَرِيبِ الزَّمَانِ وَلَا مِنْ بَعِيدِهِ، وَلِمَا وَجَدْنَاهُ يُصَلَّى بَعْدَ خُرُوجِ اللَّيْلِ الَّذِي جُعِلَ وَقْتًا لَهُ فِيمَا قَرُبَ مِنْهُ، عَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُقْضَى فِيهِ، وَأَنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ لَهُ وَقْتٌ، فَإِنَّهُ يُصَلَّى فِي بَعِيدِهِ، كَمَا يُصَلَّى فِي قَرِيبِهِ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute