٤٥٠٩ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي عَقِيلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: وَزَعَمَ عُرْوَةُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، ⦗٣٩٠⦘ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْقَوْلِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، وَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ، وَأَمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ " وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، ⦗٣٩١⦘ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا: نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلَاءِ قَدْ جَاءُوا تَائِبِينَ، وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ، فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَقِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللهُ عَلَيْنَا، فَلْيَفْعَلْ " فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَلَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّي لَا أَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ " فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا ⦗٣٩٢⦘ فَقَالَ قَائِلٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُطْلِقْ مَنْ أَطْلَقَ مِنْ سَبَايَا هَوَازِنَ حَتَّى أَطْلَقَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ فِيهِمْ، وَقَدْ رَوَيْتَ لَنَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ كِتَابِكَ هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ لِجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ لَمَّا كَلَّمَهُ فِي أَسْرَى بَدْرٍ: " شَيْخٌ لَوْ جَاءَنِي، يَعْنِي أَبَاهُ، فَكَلَّمَنِي فِيهِمْ لَأَطْلَقْتُهُمْ لَهُ "، فَفِي هَذَا إِخْبَارُهُ جُبَيْرًا أَنَّ أَبَاهُ لَوْ كَانَ كَلَّمَهُ فِي الْأَسْرَى الَّذِينَ كَلَّمَهُ فِيهِمْ جُبَيْرٌ، لَأَطْلَقَهُمْ لَهُ بِغَيْرِ ذِكْرٍ مِنْهُ حَاجَتَهُ إِلَى إِطْلَاقِ الْمُسْلِمِينَ ذَلِكَ لَهُ فِيهِمْ، وَهَذَا اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الَّذِيَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا ⦗٣٩٣⦘ خَاطَبَ بِهِ جُبَيْرًا فِي أَسْرَى بَدْرٍ، كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي أَسْرَى سَبِيلُهُمُ الْقَتْلُ لَهُمْ، أَوِ الْمَنُّ عَلَيْهِمْ، أَوْ أَخْذُ الْفِدَاءِ مِنْهُمْ وَإِطْلَاقُهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ وُقُوعُ مِلْكٍ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، إِنَّمَا كَانَتِ السَّبِيلُ فِيهِمْ هَذِهِ الْوُجُوهُ الَّتِي ذَكَرْنَا لَا غَيْرَهَا، فَكَانَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُمْضِيَ فِيهِمْ مَا رَآهُ مِنْهَا لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَى إِطْلَاقِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ ذَلِكَ فِيهِمْ، وَسَبْيُ هَوَازِنَ كَانَ فِي نِسَاءٍ قَدْ وَقَعَتِ الْأَمْلَاكُ عَلَيْهِنَّ؛ لِأَنَّهُنَّ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الرِّجَالِ، إِذْ كُنَّ لَا يُقْتَلْنَ وَالرِّجَالُ يُقْتَلُونَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَسَمَهُنَّ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَمَلَكُوهُنَّ، فَلَمْ يَصْلُحْ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِخْرَاجُهُنَّ عَنْ أَمْلَاكِهِمْ إِلَّا بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ، وَرِضَاهُمْ بِهِ، وَمِمَّا رُوِيَ مِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى قِسْمَتِهِ كَانَتْ إِيَّاهُنَّ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ فِيهِنَّ مَا يَسْأَلُ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute