للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٥٢٦ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَرْوَانَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سَعِيدٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ حَمَلِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ، قَالَ: كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ مُلَيْكَةُ وَأُمُّ عَفِيفٍ، فَرَجَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَأَصَابَتْ قُبُلَهَا وَهِيَ حَامِلٌ، فَأَلْقَتْ جَنِينًا وَمَاتَتْ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ، وَقَضَى فِي الْجَنِينِ غُرَّةً: عَبْدًا أَوْ أَمَةً أَوْ مِائَةً مِنَ الشَّاءِ، أَوْ عْشًرا مِنَ الْإِبِلِ، فَقَامَ أَبُوهَا أَوْ رَجُلٌ مِنْ عَصَبَتِهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ، وَلَا صَاحَ وَلَا اسْتَهَلَّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ دَمُهُ يُطَلُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَسْنَا مِنْ أَسَاجِيعِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي شَيْءٍ " ⦗٤١٤⦘ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ بَعْدَ وُقُوفِنَا عَلَى إِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مِقْدَارِ الْغُرَّةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْجَنِينِ مِنَ الدِّيَةِ أَنَّهُ نِصْفُ عُشْرِهَا، فَوَجَدْنَا فِيهِ ذِكْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغُرَّةَ أَنَّهَا عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ إِعْلَامُ النَّاسِ بِالْغُرَّةِ مَا هِيَ؟ ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: أَوْ مِائَةً مِنَ الشَّاءِ " فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنَ الْغُرَّةِ فِي شَيْءٍ، وَلَكِنَّهُ الْجُزْءُ الَّذِي هُوَ مِقْدَارُ الْغُرَّةِ مِنَ الدِّيَةِ مِنَ الشَّاءِ مَا هُوَ؛ لَأَنَّ الدِّيَةَ مِنَ الشَّاءِ فِي قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُ الشَّاءَ صِنْفًا مِنْ أَصْنَافِ الدِّيَاتِ أَلْفَا شَاةٍ، فَالْمِائَةُ مِنْهَا نِصْفُ عُشْرِهَا، وَمِمَّنْ كَانَ يَجْعَلُ الدِّيَةَ مِنَ الشَّاءِ هَذَا الْمِقْدَارَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، فَلَمْ يَكُنْ يَجْعَلُ الدِّيَةَ إِلَّا فِي الْإِبِلِ، وَفِي الدَّرَاهِمِ وَفِي الدَّنَانِيرِ خَاصَّةً. وَأَمَّا مَالِكٌ فَكَانَ يَجْعَلُهَا فِي الْإِبِلِ، وَفِي الدَّنَانِيرِ، وَفِي الدَّرَاهِمِ. وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ، فَكَانَ يَجْعَلُهَا فِي الْإِبِلِ خَاصَّةً دُونَ مَا سِوَاهَا، وَكَانَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ أَوْلَى، وَلَمْ يَكُنْ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَصْدِهِ بِالدِّيَةِ لِقَتِيلِ الْأَنْصَارِ إِلَى مِائَةٍ مِنَ ⦗٤١٥⦘ الْإِبِلِ، وَلَا بِقَوْلِهِ فِي قَتِيلِ خَطَأِ الْعَمْدِ فِيهِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ، فَدَافَعَ أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ أَصْنَافًا غَيْرَ الْإِبِلِ، ثُمَّ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: " أَوْ عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ " فَكَانَ هَذَا عِنْدَنَا وَهْمًا فِي النَّقْلِ؛ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ جَمِيعًا؛ وَلِتَلَقِّيهِمْ إِيَّاهُ بِالْخِلَافِ لَهُ، وَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا دَارَ عَلَى أَبِي الْمَلِيحِ، فَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ قَتَادَةُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>