وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُنْقِذٍ، حَدَّثَنِي إِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ يَقُولُ: " شَهَادَةُ النَّصْرَانِيِّ عَلَى النَّصْرَانِيِّ، وَكَانَ يَرَى شَهَادَةَ الْيَهُودِيِّ عَلَى النَّصْرَانِيِّ، أَوِ النَّصْرَانِيِّ عَلَى الْيَهُودِيِّ لَا تَجُوزُ " وَمِنْهُمْ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ. كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ أَنَّهُ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِهِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ ⦗٤٥٥⦘ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ سَوَاءً. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ تَمَسَّكَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهُمُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُولُ ذَلِكَ، يَعْنِي مِثْلَ الَّذِي ذَكَرَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْأَمْصَارِ وَفُقَهَاؤُهُمْ. وَقَدْ سَمِعْتُ يُونُسَ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُولُ: خَالَفَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ مُعَلِّمِيهِ فِي رَدِّ شَهَادَةِ النَّصَارَى بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، كَانَ ابْنُ شِهَابٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةُ يُجِيزُونَهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ يَقُولُ وَذَكَرَ هَذَا الْبَابَ، فَقَالَ: جَمَعْتُ فِيهِ قَوْلَ مِائَةِ فَقِيهٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي قَبُولِ شَهَادَاتِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَمَا وَجَدْتُ فِيهِ اخْتِلَافًا مِنْ أَمْثَالِهِمْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ إِلَّا عَنْ رَبِيعَةَ، فَإِنِّي وَجَدْتُ عَنْهُ قَبُولَهَا، وَوَجَدْتُ عَنْهُ رَدَّهَا. وَقَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ يَجُوزُ قَبُولُ شَهَادَتِهِمْ مَعَ الْكُفْرِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: وَإِذَا كَانَ فُسَّاقُنَا بِمَا هُوَ دُونَ الْكُفْرِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَانَ الْكُفَّارُ مِنْ غَيْرِنَا أَحْرَى أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُمْ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْكُفْرَ الَّذِي أَهْلُ الْكِتَابِ عَلَيْهِ، لَمْ ⦗٤٥٦⦘ يُخْرِجْهُمْ مِنْ حَالِ وِلَايَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا فِي تَزْوِيجِ بَنَاتِهِمْ، وَفِي الْوَلَايَةِ عَلَى صِغَارِهِمْ مِمَّنْ هُمْ آبَاؤُهُمْ فِي الْبَيْعِ لَهُمْ، وَفِي الِابْتِيَاعِ لَهُمْ، وَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ مِنْ فُسَّاقِنَا فِي أَمْثَالِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَبْنَائِهِمْ، وَكَانَ مَنْ كَانَ مِنْ فُسَّاقِنَا وَاجِبٌ عَلَيْنَا مُنَابَذَتُهُ، وَتَرْكُ إِقْرَارِهِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ فِسْقِهِ حَتَّى نُزِيلَهُ عَنْهُ إِلَى الْوَاجِبِ عَلَيْهِ بِالشَّرِيعَةِ الَّتِي هُوَ مِنْ أَهْلِهَا، وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ بِخِلَافِ ذَلِكَ، إِذْ كَانُوا مُخَلِّينَ عَلَى حُكْمِ شَرِيعَتِهِمْ غَيْرَ مَأْخُوذِينَ بِتَرْكِ ذَلِكَ، وَلَا بِالزَّوَالِ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَإِذَا كَانُوا فِيمَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ، كَانُوا بِخِلَافِ الْفُسَّاقِ مِنَّا، وَكَانُوا فِي سَائِرِ مَا فِي شَرِيعَتِهِمْ كَنَحْنُ فِي مَا تُوجِبُهُ شَرِيعَتُنَا، وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالثَّوْرِيُّ، وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ سِوَاهُمْ، إِلَّا مَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ مِنْ مِلَلِهِمْ إِذَا اخْتَلَفَتْ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ لَا يُرَاعِي ذَلِكَ، وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يُخَالِفُونَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَقْبَلُونَ شَهَادَةَ أَهْلِ مِلَّةٍ مِنْهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute